تصاعد الانتهاكات بحق السكان الكُرد في منطقة عفرين

على الرغم من تعهدات نائب محافظ حلب، عبد الرحمن سلامة، المتكررة – وآخرها خلال اجتماعه مع أهالي منطقة عفرين بتاريخ 23 أيلول/سبتمبر 2025 بحضور مدير المنطقة ومسؤولين أمنيين – بتنظيم عمل اللجنة الاقتصادية المكلفة بملفات الأملاك وفق الأطر القانونية، وتسهيل معاملات السجل العقاري والوكالات القانونية، لم يُنفذ أي من تلك الوعود حتى اليوم.
بل تشير المتابعات الميدانية إلى تصاعد الانتهاكات ضد السكان الأصليين الكُرد، تحت ذرائع تطبيق القانون، في مختلف نواحي وبلدات منطقة عفرين، ولا سيما في ناحية راجو.

استمرار الاستيلاء وفرض الأتاوات
ما تزال مجموعات مسلحة موالية للحكومة التركية – من بينها عناصر من ميليشيا “أحرار الشرقية” بقيادة المدعو أبو عمير، و”الحمزات” بقيادة أبو شلاش، و”الفرقة التاسعة” بقيادة حيدر البعاج – تفرض سلطتها على الحقول والأراضي الزراعية في المنطقة، بإشراف مباشر من عناصر الاستخبارات التركية.
وتتولى هذه المجموعات، عبر المكتب الاقتصادي الفرعي في راجو بقيادة أبو محمد عبد الحق، فرض أتاوات على أصحاب الحقول بنسبة تصل إلى 50% من مردود الزيتون، بعد أن كانت تُفرض سابقاً رسوم بمعدل 4 دولارات أمريكية عن كل شجرة.

ومنذ أكثر من أسبوعين، نصب المدعو أبو عمير خيمة داخل حقل زيتون قرب قرية كويرا تعود ملكيته لعائلة عروس، بالتنسيق مع مدير المكتب الاقتصادي أبو محمد أطمة. وبعد أن أمر مدير ناحية راجو بإزالتها، أعاد أطمة نصب الخيمة متحدياً السلطات المحلية.
وشهد الموقع ذاته اشتباكات مسلحة في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2025 بين عناصر من ميليشيا أحرار الشرقية ومستوطِنين مسلحين حاولوا سرقة محصول الزيتون، فيما تتكرر حوادث مماثلة ليلاً في عدد من القرى، وسط غياب أي تدخل أمني فعّال.
وتُقدَّر أعداد المسلحين المنتشرين في خيم داخل الحقول التابعة لميليشيات “الحمزات” و”الفرقة التاسعة” بالعشرات.

تمييز عنصري ولغوي
سُجّلت حادثة تنمّ عن نزعة عنصرية في مركز المكتب الاقتصادي بناحية راجو، حين راجع أحد المواطنين المسنين المكتب لتصديق مستندات ملكيته، فتحدث أحد الحاضرين معه باللغة الكردية. عندها تدخّل المسؤول أبو محمد أطمة وطردهما من المكتب، قائلاً إن الحديث باللغة الكردية “ممنوع داخل الدوائر الرسمية”، وفق شهادات الحاضرين.
ويُعدّ هذا الموقف مثالاً على التعامل الفوقي والتمييز القومي الذي يعاني منه السكان الكُرد في المنطقة.

الفساد في تعيين المحامين المعتمدين
فتح اعتماد الحكومة السورية المؤقتة لمحامين محددين لتصديق الوثائق الشخصية والعقارية باباً واسعاً أمام الرشوة والسمسرة، إذ يتقاضى كل محامٍ نحو 200 ليرة تركية عن كل مستند، مع ارتفاع المبالغ بحسب عدد الأشجار أو أهمية الملكية.
ويستغل بعض المحامين المعتمدين التنسيق مع رؤساء المكاتب الاقتصادية لتأمين وكالات قانونية للمغتربين والمُهجّرين، مقابل مبالغ مالية إضافية، رغم رفض تلك الوكالات أحياناً بحجة عدم وجود تعميم رسمي ينظم قبولها.

في المقابل، تطالب المكاتب الاقتصادية بوثائق صادرة حصراً عن السفارات السورية، رغم تعطل معظمها أو نقص كوادرها، ما يزيد تعقيد الإجراءات القانونية لأصحاب الحقوق.

كما تُعرقل اللجنة الاقتصادية سير المعاملات من خلال اشتراط توقيع شاهدين من أبناء القرية وتصديق المختار، إضافة إلى فحص أمني لكل شاهد، وهي عملية تستغرق أكثر من أسبوع في وقتٍ يُسمح فيه للمسلحين بسرقة المحاصيل علناً.
ولا يُسمح لأصحاب الأراضي بقطف محصول الزيتون إلا بعد الحصول على “الورقة البيضاء” الصادرة عن اللجنة الاقتصادية، ما يجعل العملية خاضعة لهيمنة كاملة من قبل المجموعات المسلحة والمكاتب التابعة لها.