سوريا : مقتل 3 مواطنين تحت التعذيب في سجون “الحكومة المؤقتة”

تشهد سوريا مجددًا موجة جديدة من الانتهاكات المروعة بحق المدنيين على أيدي جهاز الأمن العام التابع لما يُعرف بـ”الحكومة المؤقتة” ورئيسها المؤقت أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، حيث تتوالى شهادات الضحايا وعائلاتهم لتكشف حجم التعسف والانفلات الأمني الذي يحصد أرواح الأبرياء.

في العاصمة دمشق، تحوّل خلاف بسيط بين طفلين إلى مأساة دامية. فقد اعتُقل الشاب عطا صالح الفياض الحرفوش، المعروف بـ”أبو رامز” والمنحدر من قرى الزوية في الجولان، بعد مشادة بين ابنه القاصر وطفل آخر قريب من أحد قادة الأمن العام. لم يكتفِ عناصر الجهاز باعتقال الفياض، بل طالت الاعتقالات ابنه وزوجته أيضًا، قبل أن يتعرض مع ابنه لضرب مبرح. وبعد دقائق من إدخاله مركز الاحتجاز في مساكن برزة، خرج جثة هامدة. ورغم أن سلطات “الحكومة المؤقتة” بررت وفاته بـ”سكتة قلبية”، إلا أن ابنه القاصر الذي نجا من الموت روى ما شاهده من تعذيب وحشي، فيما يطالب شقيق الضحية، المحامي محمد فياض، بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة الجناة.

وفي حمص، تكررت المأساة بأشكال مختلفة. ففي منطقة وادي النصارى، فقدت عائلة مسيحية أحد أبنائها، ميلاد عزيز الفرخ، الذي اعتُقل أواخر آب/أغسطس على خلفية اتهام “تمويني” لا يستند إلى أي أساس قانوني. وبعد نحو أسبوعين من احتجازه في سجن البالونة، أعيد إلى أسرته جثة تحمل آثار تعذيب قاسٍ، وسط صدمة عارمة في المنطقة التي لطالما اعتُبرت ملاذًا نسبيًا من العنف.

أما في ريف حمص الشرقي، فقد دفع حسين أحمد مرعي، وهو مواطن من أبناء الطائفة الشيعية، حياته ثمنًا لانتمائه الطائفي. أوقفه عناصر الأمن العام عند حاجز شنشار وهو في طريقه للعودة إلى منزله، ولم يعد إلا جثة هامدة وملطخة بآثار التعذيب والرصاص، وُجدت لاحقًا في مشفى الوعر.

هذه الحوادث، التي وثّقتها شهادات محلية وإعلامية، تكشف بوضوح أن أجهزة “الحكومة المؤقتة” لم تكتفِ بممارسة الاعتقال التعسفي، بل جعلت من التعذيب والقتل تحت الاحتجاز أداة لإرهاب المجتمع وإسكات الأصوات. وتسلط هذه الجرائم الضوء على غياب كامل للمساءلة، وعلى تواطؤ ممنهج يضع حياة المدنيين من مختلف الطوائف في مرمى الاستهداف.

إن هذه الانتهاكات، بما تحمله من طابع ممنهج وعابر للمكونات الاجتماعية، تشكل تهديدًا خطيرًا للسلم الأهلي والعدالة. ومن هنا، يبرز واجب المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية في التحرك العاجل لوضع حد لهذه الممارسات، وفتح تحقيقات مستقلة وشفافة تضمن محاسبة المسؤولين عنها، حمايةً لما تبقى من حق الإنسان السوري في الحياة والكرامة.