هل يقلب الأكراد في سوريا الطاولة على تركيا بتحالفهم مع النظام؟

تبدو خارطة الأحداث المتسارعة على الساحة السورية مؤخرا وما تثيره المواقف الأميركية من ردود أفعال ومن سيستثمر في الورقة الكردية، تبدو تلك الخارطة متشابكة إلى حد بعيد.
هنالك كثير من المؤشرات أنّ الرياح هناك لا تسري بما تشتهي السفن التركية كذلك وعلى ما يشتهي الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الذي كان الأكثر سعادة بالانسحاب الاميركي المفترض لتتبع ذلك تصريحات أميركية تحذر تركيا من الانتقام من الأكراد عقب الانسحاب.
ومن الواضح أنّ أكراد سوريا بدأوا يعدون العدة لما هو آت وبما في ذلك احتمالات قلب الطاولة على الجار العثماني المتنمر والذي ينتظر الفرصة لينقض على تحالف الأكراد السوريين أو ما يعرف بقوات وحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية.
وفي آخر المستجدات، قال مسؤول كردي سوري بارز لرويترز إنّ زعماء أكراد سوريا يسعون إلى اتفاق سياسي مع حكومة بشار الأسد بوساطة روسية بغض النظر عن خطط الولايات المتحدة للانسحاب من منطقتهم.
وقال بدران جيا كرد إنّ الإدارة الذاتية التي تسيطر على معظم شمال سوريا عرضت خارطة طريق لإتفاق مع الأسد في اجتماعات في الآونة الأخيرة في روسيا وتنتظر رد موسكو.
وإذا أُبرم الإتفاق، فإنّه سيوحد مجددا أكبر منطقتين في البلد الذي مزقته الحرب الدائرة منذ ثمانية أعوام، وسيترك منطقة واحدة في شمال غرب البلاد في أيدي المعارضة المناوئة للأسد والمدعومة من تركيا.
وتشير المحادثات مع روسيا والمبادرات الجديدة تجاه دمشق إلى تغيير في الاستراتيجية الكردية منذ أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره بسحب القوات الأمريكية من سوريا.
ومن أهم الأولويات الملحة للأكراد إيجاد سبيل لحماية المنطقة من تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية المسلحة تهديدا لأمنها القومي.
وأرسلت تركيا جيشها إلى سوريا مرتين لمهاجمة الوحدات، لكنها أرجأت هجوما على منطقة كبيرة خاضعة للأكراد في شمال شرق سوريا تنشط بها قوات أمريكية.

وفي تصريح له قال ترامب،الذي لم يحدد جدولا زمنيا للانسحاب، إنّ القوات الأمريكية ستغادر ببطء خلال فترة من الوقت.
وقال ترامب أيضا إنّ بلاده ترغب في حماية الأكراد الذين كان لهم دور حيوي في الحملة الأمريكية على تنظيم داعش الإرهابي.
ورحب جيا كرد بفكرة الانسحاب البطيء لكنه قال إنّ الولايات المتحدة لم تناقش الانسحاب مع حلفائها في سوريا الذين فاجأهم إعلان ترامب.
ولملء الفراغ المتوقع، يريد الأكراد من روسيا أن تساعدهم في تأمين نشر الجيش السوري على الحدود الشمالية. وهذا جزء مهم لإبرام اتفاق مع دمشق ويصون وضع الحكم الذاتي الذي يتمتعون به.
وقال جيا كرد إنّ روسيا وافقت على التوسط.
وأضاف في المقابلة التي أجريت في القامشلي بشمال سوريا “موضوع حوارنا مع دمشق غير مرتبط بقرار الانسحاب الأمريكي أبداً حيث هذا الحوار سيستمر وسنبذل كل جهدنا في هذا الاتجاه…القرار النهائي هو الإتفاق مع دمشق. سنعمل بهذا الاتجاه مهما كلف الأمر، وحتى إن اعترض الأمريكان على هذا الأمر”.
وأوضح أنّ الأكراد يرون أنّ روسيا تحاول فتح آفاق جديدة مع دمشق.
وتجنبت دمشق ووحدات حماية الشعب المواجهة إلى حد بعيد خلال الحرب، بل وحاربتا أعداء مشتركين في بعض الأوقات.
وعقدا محادثات سياسية العام الماضي في دمشق، غير أنّها انهارت دون أي تقدم. وقال جيا كرد إنّ ضرورة دخول دمشق في حوار جاد باتت أكثر إلحاحا الآن.
والأهداف الرئيسية لخارطة الطريق هي حماية الحدود من تركيا، وإيجاد وسيلة لدمج الكيانات الحاكمة في شمال سوريا في الدستور، وضمان التوزيع العادل للموارد في شمال وشرق البلاد.
وقال جيا كرد “الكرة الآن في ملعب روسيا ودمشق. وأضاف “على هذه الأسس يمكن التفاوض والبدء بالحوار في هذه المرحلة”.
وسيكون أحد التحديات الرئيسية التوفيق بين مطالب الحكم الذاتي الإقليمي وهدف الأسد بسط السلطة على كامل البلاد مرة أخرى. كان وزير الخارجية السوري قد قال في الآونة الأخيرة إنّ إقامة نظام اتحادي في سوريا غير مقبول.
وقال جيا كرد “هناك جهات محافظة في دمشق يودون غض النظر وإنكار ما تم اكتسابه في هذه المناطق أي أنّهم يودون بسط سيطرتهم ونفوذهم على هذه المناطق كما فعلوا في مناطق أخرى”، مضيفا أنّ هذا مرفوض بالنسبة لهم.
ومن بين أوراق التفاوض في أيدي الأكراد السيطرة على سدود على نهر الفرات، والسيطرة على حقول نفط وموارد أخرى. وقال جيا كرد إن هذا سيكون عنصرا رئيسيا في الحوار.
لكن محللين يقولون إنّ وضعهم التفاوضي ضعف بإعلان ترامب سحب القوات، والذي زاد مخاوف الأكراد من هجوم تركي.
وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يخوض تمردا في تركيا منذ 34 عاما.
ويعتقد محللون أنّ الأسد ووحدات حماية الشعب يمكن أن يتعاونوا معا ضد المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا في شمال غرب سوريا.
وقال جيا كرد “إنهاء الاحتلال (التركي) والإرهاب في تلك المناطق يتطلب أن يكون هناك اتفاق سياسي جذري مع مناطق الإدارة الذاتية” التي يقودها الأكراد.
وأضاف “هذا سيكون دافعا كبيرا في إنهاء الاحتلال والقضاء على الإرهاب بشكل كلي في سوريا”.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أمس، أن قائد «وحدات حماية الشعب» سيبان حمو قام بزيارتين غير معلنتين إلى دمشق وموسكو لنقل «عرض سري» تضمن الموافقة على تسليم الحدود إلى «الدولة السورية» مقابل قبول إدارة محلية بضمانة روسية.

وأشارت المصادر إلى أن العرض يرمي إلى الوصول إلى تفاهمات لـ«ملء الفراغ» بعد الانسحاب الأميركي و«قطع الطريق» على تدخل تركي في شمال سوريا وشمالها الشرقي.

وجاء في التفاصيل أنّه بعد أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب نيته القيام بـ«انسحاب سريع وكامل» من سوريا، طار حمو إلى قاعدة حميميم، ثم جرى لقاء سري في دمشق ضم مدير مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك ووزير الدفاع العماد علي أيوب بحضور وفد عسكري روسي.

وفي 29 الشهر الماضي، وبالتزامن مع زيارة وفد تركي برئاسة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو إلى موسكو، وصل حمو إلى العاصمة الروسية والتقى وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان فاليري غيراسيموف.

رسالة «الوحدات» إلى دمشق، كانت ضرورة «عدم تكرار خطيئة عفرين: تشدد الطرفين في دمشق وقامشلو (القامشلي) أدى إلى خسارتها»، ثم أبدت الاستعداد لتسليم الحدود شرق سوريا لـ«بسط سيادة الدولة» ثم يجري ترك الدستور والحل السياسي للمستقبل.

على الضفة الأخرى، تستعجل الإدارة الأميركية ضبط ترتيبات الانسحاب، إذ تجري اتصالات لترتيب زيارة لمستشار الأمن القومي جون بولتون إلى شرق الفرات بعد محادثات في أنقرة الإثنين وقبل زيارته لتل أبيب.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك