بعد قرار الانسحاب الأمريكي: عين قوات الأسد نحو شرق الفرات

في أعقاب قرار واشنطن الانسحاب من شرق نهر الفرات الخاضع في معظمه لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، ذكرت وسائل إعلام سورية محلية أنّ وحدات من الجيش السوري توجهت نحو ريف دير الزور الشرقي لبدء عملية عسكرية في شرقي سوريا.
وسائل اعلام تحدثت عن عرض روسي قدم لقوات سوريا الديمقراطية، بأن تنتشر قوات حرس حدود من النظام السوري على الشريط الحدودي ما بين نهري دجلة والفرات، وذلك لمنع العملية العسكرية التركية التي هدّد بها الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان.
وذكر موقع “أوقات الشام الإخبارية” أنّ الجيش السوري سحب بالفعل جزءا من قواته من محيط محافظة إدلب باتجاه المنطقة الشرقية.
من جهته ذكر المكتب الإعلامي لقوات الطراميح التابع لـ “قوات النمر” في الجيش السوري، أنّ “فوج الطراميح” تلقى إشعارات بالتوجه من جبهات ريف حماة الشمالي وريف إدلب الشرقي إلى دير الزور.
وأشار المكتب إلى أنّ سحب القوات يأتي لبدء عملية عسكرية شرق الفرات، ضد تنظيم “داعش” الذي ينتشر في جيوب بالمنطقة.
تعزيزات عسكرية ووحدات من الجيش السوري والقوات الرديفة وصلت إلى ريف دير الزور الشرقي، قبالة الجيب الأخير لتنظيم “داعش” الواقع في مدينة هجين والقرى والبلدات التابعة لها عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات وتركزت في مدينتي البوكمال والميادين، كما أنّ المئات من عناصر الجيش جرى نقلهم برفقة معدات عسكرية وعتاد وذخيرة وأسلحة ثقيلة، وسط ترقب لعملية عسكرية قد يشنها الجيش في المنطقة الشرقية للسيطرة على أجزاء منها.
وذكر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أنّ القوى الرديفة المتواجدة في مدينة البوكمال قامت بإرسال تعزيزات إلى ريف الرقة الغربي وريف دير الزور الغربي.
إلا أنّ مواقع معارضة كـ”الدرر الشامية” قالت إنّ الجيش السوري أرسل تعزيزاته إلى شرق الفرات مستغلا قرار انسحاب الولايات المتحدة من تلك المنطقة، لشن عملية عسكرية واستعادة الأراضي التي تسيطر عليها “قسد”.
في حين أبدت “وحدات حماية الشعب”، عبر القائد سيبان حمو، استعدادها للعمل المشترك مع دمشق “لصد تركيا”.

من جهة أخرى رجح مركز أميركي للدراسات أنّ يدفع قرارالرئيس دونالد ترامب سحب قواته من سوريا المسلحين الأكراد، إلى إبرام صفقة مع الرئيس السوري بشار الأسد لمواجهة أي عملية عسكرية تركية شرقي سوريا.
وحسب تقرير لمركز”مجلس العلاقات الخارجية” للدراسات الأميركية، فإنّ إعلان ترامب عن قراراه يعد خيانة لشريك واشنطن الأساسي على الأرض شرقي سوريا المتمثل بقوات سوريا الديمقراطية “قسد” التي تسيطر على ثلث الأراضي السورية تقريبا، فضلا عن أنّ قراره يعني تخليه عن حلفاء إقليميين آخرين له، وخاصة إسرائيل، ما يجعلها وحيدة أمام إيران و”حزب الله” اللبناني في سوريا.
وتابع التقرير أنّه دون وجود الولايات المتحدة في سوريا، ستعتمد الجهات الفاعلة الإقليمية على روسيا لتحقيق مصالحها.
وفي حال قررت أنقرة الهجوم على شمال شرقي سوريا ضد “قسد” والوصول إلى الحدود العراقية السورية، ستجد تركيا نفسها في حالة حرب غير نظامية في بلد أجنبي، ويمكن أن تورط نفسها في حرب عصابات طويلة ودامية مع المقاتلين الأكراد، وسط أنباء عن وجود بين 30 و60 ألف مقاتل من وحدات الحماية الكردية التابعة لـ”قسد”، واكتسبوا خبرة قتالية كبيرة في سوريا خلال السنوات الماضية.
ورجح التقرير أن يتوجه الأكراد إلى الحكومتين الروسية والسورية في أعقاب قرار إدارة ترامب، طالبين إبرام صفقة مع الحكومة السورية تضمن لهم حكما ذاتيا مقابل موافقة الأكراد على استعادة الأسد السيطرة على كامل المناطق السورية في سبيل مواجهة التحرك التركي العسكري، ما سيزيد من احتمالات اندلاع مواجهة بين سوريا وتركيا.
وخلص إلى أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الآن يلعب دور الوسيط بلا منازع في صياغة مستقبل سوريا، لكن على موسكو أن تتعامل مع المصالح التنافسية لسوريا وتركيا.

بالمقابل رحّب مدنيون ومقاتلون في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة الموالية لأنقرة بقرار واشنطن سحب قواتها من سوريا، ورأوا فيه فرصة “إيجابية” لتوسع تركيا نفوذها أكثر في شمال سوريا على حساب الأكراد.
وتسيطر القوات التركية وفصائل سورية موالية لها على منطقة حدودية واسعة تمتد من مدينة جرابلس في ريف حلب الشمالي الشرقي وصولاً إلى عفرين في ريف المحافظة الشمالي.
وفي مدينة أعزاز، أبرز المدن الواقعة تحت سيطرة الفصائل الموالية لأنقرة، يقول مصطفى حموش (20 عاماً) وهو تاجر ألبسة، “الانسحاب ايجابي، عندما تنسحب أميركا ستضعف قوة الأكراد تلقائياً، وبالنهاية سوف تدخل تركيا والجيش الحر (فصائل المعارضة) إلى مناطق شرق الفرات ويسيطرون عليها”.
يوافقه عمر كازلة (20 عاماً) الرأي، الشاب الذي يعمل في صيدلية

وعلى وقع هزائم ميدانية متلاحقة، لم تعد الفصائل المعارضة في سوريا تسيطر سوى على أقل من 10 في المئة من الأراضي السورية، بينها منطقة النفوذ التركي شمال حلب كما تتواجد في محافظة إدلب التي تسيطر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على الجزء الأكبر منها.
ويتفق العديد من السكان على غرار كازلة على أهمية الانسحاب الأميركي من مناطق سيطرة الأكراد في حال حلت القوات التركية بدلاً عنها، لكنهم يعربون في الوقت ذاته عن خشيتهم من دخول قوات النظام إلى تلك المناطق.
ويرى محللون أنّ القرار الأميركي، الذي أعلنه الرئيس دونالد ترامب الأربعاء، بسحب قواته الداعمة للأكراد قد يدفع بهؤلاء إلى التعاون مع دمشق للحفاظ على الحد الأدنى من مكتسباتهم وتفادي هجوم تركي ضدهم.
وبرغم ترحيبهم بالقرار الأميركي، يخشى البعض، على غرار الطالب الجامعي أحمد فروح (20 عاماً)، أن ينعكس سلباً عبر استغلال تنظيم الدولة الإسلامية له وظهوره مجدداً.
ويقول فروح في مدينة أعزاز، إنّ “الانسحاب وغياب طيران التحالف قد يؤدي إلى تقوية داعش من جديد وسيطرته على مناطق جديدة”.
وبرغم موافقته على أنّ هذه قد تكون إحدى تداعيات القرار، يقول المقاتل في الجبهة الشامية محمود أبو عبد الله (35 عاماً) على أحد خطوط التماس مع المقاتلين الأكراد إنّ الفصائل ستقاتل تنظيم الدولة الإسلامية كما فعلت في جرابلس والباب، إثر عملية عسكرية بدعم من قوات تركية في 2016 و2017.
ويقول “هذا كان له فائدة كبيرة على المعارضة السورية لأنّها اكتسبت المزيد من الأراضي الواسعة”.
وحذرت أنقرة في وقت سابق من أنّ العملية العسكرية ضد الأكراد في شرق الفرات باتت وشيكة، قبل أن يعود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ويعلن الجمعة تأجيلها على ضوء القرار الأميركي، مؤكداً أنّ “هذا التأجيل لن يكون لأجل غير مسمى”.
وتؤكد الفصائل الموالية لأنقرة استعدادها للهجوم الجديد.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك