شرق الفرات تكشف عن التعقيدات في العلاقات التركية – الأميركية

تتواجد على الأرض السورية اليوم قوى دولية عديدة تريد كل منها رسم الخريطة المستقبلية لهذا البلد الذي مزقته الحرب الأهلية.
اللاعبون الكبار: الولايات المتحدة وروسيا وبينهما إيران وتركيا يتمدد كل على مساحة من الأرض السورية ويستخدم اذرعا عسكرية لهذا الغرض.
وفي هذا الصدد عرضت وكالة أنباء الأناضول ملامح للتحالف الهش بين تركيا والولايات المتحدة في مقاربة أزمة منطقة شرق الفرات بشكل خاص.
فبعد التدخل العسكري الروسي المباشر في سوريا، عام 2015، تدخلت تركيا عسكريا وشنت عمليات ميدانية أطلقت عليها درع الفرات، وغصن الزيتون، شمالي سوريا.
واستمراراً للمهمة تسعى تركيا على للسيطرة على كامل المناطق الواقعة شرق نهر الفرات فضلا عن التنسيق التركي – الأميركي في منطقة منبج.
ولكن تركيا ترصد بمزيد من الانزعاج والقلق التقارب السياسي والعسكري بين واشنطن وقوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردية وتسمع على الدوام إلى مسوغات ذلك التعاون بأنّه لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي، لكن ذلك لم يعد مقنعا لدى الحكومة التركية بل إنّها تتهم الولايات المتحدة بالتنسيق مع الجماعات الإرهابية متناسية علاقتها الوثيقة ودعمها لجبهة النصرة، الوجه الآخر لتنظيم القاعدة الإرهابي.
لجأت واشنطن لهذا التحالف لمحاربة داعش، والحد من التوسع الإيراني في المنطقة، بما أتاح لوحدات حماية الشعب الكردية إلى السيطرة على المزيد من مناطق شمالي سوريا، والحصول على بعض الشرعية.
وتتهم تركيا الولايات المتحدة بدعم وحدات حماية الشعب بأسلحة ثقيلة وخفيفة، وغضت الطرف عنها فأحكمت سيطرتها على مناطق واسعة ذات أغلبية عربية في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور، وهو ما لم تكن حتى تحلم به.
وتراقب تركيا عن كثب إعلان وحدت حماية الشعب الكردية، وبضغط أمريكي، قيامها بعمليات جديدة ضد تنظيم داعش الإرهابي.
وبعد استهداف المدفعية التركية لنقاط تمركز وحدات حماية الشعب شرق الفرات، أظهرت واشنطن معارضتها للأمر، عبر تسييرها دوريات مشتركة مع وحدات.
في الوقت نفسه، أعلنت عن مكافئة لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى اعتقال ثلاثة قياديين في منظمة بي كا كا، في محاولة منها للتفريق بين قيادة المنظمة في جبال قنديل (شمال العراق)، وقيادة المنظمة في سوريا.
وتفسر تركيا ذلك بأنّه مسعى أميركي لجعل تركيا تقبل بامتداد منظمة بي كا كا في سوريا، أو كسب المزيد من الوقت بهدف إنتاج سياسات جديدة، كما تتصرف ببطء كبير حيال أزمة منبج، بهدف التغطية عن سياستها المستعصية في سوريا.
من ناحية أخرى، تتابع تركيا التصريحات الأميركية بشأن مكافحة تنظيم داعش الإرهابي، لكنها ترى أنّها لم تتخذ، منذ فترة طويلة، أيّة خطوة للقضاء على ذلك التنظيم الإرهابي، رغم انحسار مناطق سيطرته كثيراً في الفترات الأخيرة.
مقابل هذه التطورات، تواصل تركيا رعايتها لتنظيمات مسلحة متشددة كجبهة النصرة وما يعرف بالجيش السوري الحر في المناطق التي تسيطر عليها.
وبهذا تتضح تعقيدات المصالح والاستراتيجيات بين الولايات المتحدة وتركيا وطبيعة التحالف الهش بينهما وخاصة مع سعي تركيا لشن حملات عسكرية واسعة في شرق الفرات لضرب تنظيمات كردية أقل ما يقال عنها أنّها حليف اساسي لواشنطن وهو ما يعقد الأمر أمام النوايا التركية.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك