المغرب يصدر تقريراً لإعادة مواطنيه من المخيمات شمال سوريا

كشف تقرير للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب المغربي عدداً من المعطيات لأول مرة عن مغاربة داعش وعائلاتهم العالقين في سوريا والعراق.

وتضمن التقرير حول مغاربة داعش، الذي تمت مناقشته اليوم الثلاثاء 13 يوليو/تموز 2021 تفاصيل الاستماع لعدد من المسؤولين المغاربة، ومقاربتهم لقضية المعتقلين والعالقين المغاربة في سوريا داخل المخيمات التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية.

ويُوثق التقرير عن مغاربة داعش جلسة استماع لوزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت، عقدت في يونيو/حزيران 2021 الماضي، والتي كشف خلالها لأول مرة معطيات رقمية تخص الجهاديين المغاربة.

في هذا الصدد، كشف لفتيت أنّ 1659 جهادياً مغربياً غادروا المغرب للانضمام إلى حركات إرهابية مختلفة في سوريا والعراق، 290 منهم نساء و628 من القاصرين.

وكشف وزير الداخلية عودة 345 من مغاربة داعش؛ حيث حُوكموا بموجب التشريعات الوطنية التي تعاقب على الانضمام إلى جماعات إرهابية في أي مكان بمقتضيات فصول القانون الجنائي.

وبينما قُتل عدد من المقاتلين وذووهم، لايزال حالياً هناك، حسب المعلومات المتوفرة لدى المصالح المختصة، 250 مقاتلاً معتقلاً (232 في سوريا و12 بالعراق و6 بتركيا)، إلى جانب 138 امرأة من بينهن 134 بالمخيمات في منطقة الإدارة الذاتية شمال سوريا والتي تحرسها قوات سوريا الديمقراطية، إضافة إلى حوالي 400 قاصر، من بينهم 153 فقط تأكد أنّهم مولودون في المغرب، بينما ازداد الباقي بمناطق التوتر المعنية أو ببعض الدول الأوروبية، بحسب وزير الداخلية.

وأشار وزير الداخلية إلى أنّ السلطات المغربية المختصة باشرت خلال شهر مارس/آذار 2019، ترحيل مجموعة من مغاربة داعش تضم ثمانية مواطنين مغاربة كانوا يتواجدون في مناطق النزاع في سوريا، وخضع هؤلاء المرحلون لأبحاث قضائية كإجراءات وقائية واحترازية في شأن احتمال تورطهم في قضايا مرتبطة بالإرهاب.

وأوضح لفتيت أنّ استمرار تردي الأوضاع الأمنية في مناطق تواجد هؤلاء المقاتلين الأجانب لم يسمح بمواصلة عمليات ترحيل مغاربة داعش، ودفع بالسلطات العمومية إلى التفكير في أساليب عمل أخرى تمكِّن من تحقيق الأهداف المرجوة.

من جهة أخرى، أشار وزير الداخلية إلى أنّ مصالح وزارة الداخلية تقوم بدراسة طلبات العودة التي ترد عليها مباشرة أو عبر القنوات الدبلوماسية الخاصة من طرف الأشخاص الذين يتمكنون من الهروب من أماكن الاحتجاز أو المرور نحو بعض الدول المجاورة.

وأضاف الوزير أنه كلما تم التأكد من هويتهم كمغاربة تم بتنسيق مع مصالح وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج، إصدار الوثائق الضرورية لعودتهم لأرض الوطن مع اتخاذ الإجراءات الملائمة من طرف المصالح الأمنية، حسب وضعية كل عائد.

ولفت وزير الداخلية إلى أنّ انشغال المجتمع الدولي بتداعيات انتشار داء كوفيد19 ساهم في تواري هذا الملف للوراء، مشيراً إلى أنّ وجود فئة لاتزال متشبعة بفكر “داعش”، يطرح تحدياً كبيراً للأجهزة الأمنية، خاصة أنّ البعض منهم اكتسبوا تدريباً وخبرة في التعامل مع الأسلحة، وصنع العبوات الناسفة وتجهيز السيارات المفخخة، بالإضافة إلى قدراتهم في الدعاية وتجنيد الإرهابيين.

صعوبات في وجه العودة:
يبدو من خلال التقرير أنّ السلطات المغربية لا تمانع في إعادة نساء وأطفال المقاتلين من مغاربة داعش والنصرة، لكن هذه العملية تواجه عدداً من الصعوبات.

وبحسب وزير الداخلية فإنّ العديد من الأطفال وُلدوا في بؤر التوتر، مما يطرح مشاكل عويصة في تحديد جنسيتهم والهوية الحقيقية لآبائهم وعلاقتهم مع النساء اللواتي يرافقونهن.

ويضيف التقرير أنّ عودة النساء والأطفال يزداد صعوبة في حالة ما إذا كان آباؤهم المحتملين أجانب، ويصعب تقييم مدى تورطهم في الأنشطة الإرهابية في غياب تنسيق مع الفاعلين المحليين ببلدان التوتر.

كما تطرح معاملة العائدين المحتملين، ولا سيما الأطفال، ضرورة ضمان متابعة نفسية لهم، لعلاج الصدمات التي يعانون منها، بهدف إنجاح عملية دمجهم في المجتمع، بحسب وزير الداخلية المغربي.

وتتنوع قصص الذين التحقوا بالتنظيمات الإرهابية في سوريا، من بين التحق بنية القتال في صفوف “داعش/الدولة الإسلامية”، وبين اللواتي ذهبن مع أزواجهن بمبرر “طاعة الزوج”.

بعض هؤلاء تركن التنظيم وعُدن للمغرب، منهن من تمت محاكمتهن وقضين عقوبة حبس، وتم التعامل بنوع من التساهل مع النساء.

ويورد التقرير عن مغاربة داعش عدداً من شهادات من مغاربة داعش الذين عادوا من جحيم القتال بسوريا.

تقول ليلى في شهادة لها أمام اللجنة البرلمانية: “ذهبت مع زوجي لأنّه لم يكن لدي خيار اَخر، كانت تجربة مُرة لحد الاَن مازالت اَثارها وتركت مخلفات كبيرة في حياتي”.

وتضيف ليلى: “لما ذهبنا كان هناك حماس كبير وتشجيع، ولما وضعنا رجلنا في تلك الأرض أحسسنا أنّنا غرباء، كنت أسمع كثيراً عن المعاناة من الغربة ولكن لم أظن يوما أنّها ستكون هكذا”.

وتتابع: “عشنا في سوريا، وقدموا لنا السكن وأنا تشجعت على الذهاب لأنّ أخي سبقنا وكان هناك كذلك ابن خالتي، وقلت بأنّ بعض أفراد عائلتي هناك سيؤنسونني، عشنا هناك، بعد ذلك بدأنا نرى أشياء لم نتوقعها؛ ظننا أنّنا سنساعد أشخاصاً، وبعد ذلك رأيت أنّه عندما يموت زوج إحدى الأخوات يكون الحل الوحيد أمامها هو الزواج، فتصبح مثل بضاعة تنتقل من أحد لآخر، عندما يكون زوجي غائباً، أمشي مسافة بعيدة لجلب الماء، وكان هناك قصف فوقنا، كنا نضطر للخروج من المنازل كي لا تسقط علينا من شدة الاهتزاز والضغط فتصبح المنازل كلها مشقوقة ويمكن أن تسقط في أي لحظة”.

وأضافت ليلى التي عادت للمغرب عبر تركيا: “بعد ذلك عشت مع زوجي وأخي كان قريباً مني، فبدأت تظهر لنا بعض الأخطاء وقررنا الرجوع، إلّا أنّ الرجوع كان أصعب من الذهاب، كان هناك حراس وجنود أتراك في الحدود، بمجرد خروجك تصبح هدفاً للقصف والقناصة”.

عودة ليلى إلى المغرب لم تكن مفروشة بالورود؛ إذ ستعيش عزلة غير مسبوقة وسيتم نبذها من طرف المجتمع.

وتقول: “قررت الانعزال عن المجتمع والعيش لوحدي لما يقارب السنتين، كنت حاملاً لما رجعت، وعشت مرارة الحمل مع أول مولود، كنت أفكر في كيفية تحمل مسؤولية طفلتي وزوجي ومسؤولية أخي الذي كان معي (مريض بالسكر) فوجدت نفسي أنا بنت 16 سنة تتحمل مسؤولية أكبر من سنها”.

من جهتها، تحكي كريمة عن الجحيم الذي عاشته في سوريا طيلة خمس سنوات رفقة زوجها و5 أطفال.

تؤكد كريمة في شهادتها أنّ زوجها كان يقاتل مع جبهة النصرة، قبل أن تقتله داعش: “بدأت أتساءل وأخاف على أبنائي من أن يقتل أحدهم الاَخر عندما يتفرقون بين الجماعات، بقيت أفكر في الرجوع، في الأول طلبوا مني أن أتزوج ورفضت الزواج والبقاء في سوريا، حاولت لمدة تسعة أشهر ويقبضون علي ويرجعونني، ذهبت كل نقودي من قبل المهربين”.

وتتابع: “رأيت طفلاً تم قتله أمام ابني، كنا نمشي 12 ساعة للخروج من سوريا وكان لدي أطفال صغار سنهم ما بين 7 و5 و2 سنوات، عانيت معاناة كبيرة للخروج من سوريا، كانوا يقولون لي إنّك ستبقين في سوريا، وتتزوجين؛ بمجرد أن قتل زوجي بدأ يأتيني الخطاب، أصبحت مثل سلعة وأنا لدي ابنة لم أرغب أن تعيش ما عشته”.

كغيرها من العائدات من بؤر التوتر، تؤكد كريمة أنّها حينما عادت سنة لم يتقبلها أحد: “أنا الآن أعيش مع أهلي، ويومياً أسمع كلمات السب والشتم مع أطفالي، أشتغل في البيوت كمنظفة، يومين في الأسبوع، قصدت جميع الإدارات لأشتغل فقط كمنظفة لكنهم رفضوني؛ لدرجة أصبحت أتعاطى أدوية الأعصاب، وأولادي يتعذبون أمامي، وأنا أرى ابنتي التي درست في إدلب لمدة سنتين، لم تستطع إكمال دراستها، هي عمرها الآن 12 سنة وتدرس في السنة الثالثة الابتدائية مع أطفال يصغرونها بسنوات، وتقول لي إنّ الأطفال يضحكون علي ويسبونني بأنّنا إرهابيون”.

تقرير العودة:
دعا التقرير الحكومة المغربية إلى إصدار قوانين تضع الإطار التشريعي لمعالجة الأوضاع الخاصة والاستثنائية التي يوجد فيها الأطفال والنساء المغاربة العالقون في بؤر التوتر في سوريا والعراق، من أجل تسهيل عملية إرجاعهم بشكل سريع وإدماجهم في ظروف سليمة في محيطهم العائلي والاجتماعي.

وبحسب سليمان العمراني، النائب البرلماني، ومقرر المهمة الاستطلاعية فإنّ عمل المهمة كان صعباً، بالنظر لطبيعتها، مشيراً إلى أنّ المهمة عقد 8 اجتماعات مع عدد من المسؤولين المغاربة، واستمعت لشهادات صادمة من عدد من العائدين والعائدات.

ويؤكد العمراني أنّ اللجنة أوصت بتفعيل اتفاقية تعاون قضائي تهم تبادل المحكوم عليهم من مواطني سوريا والمغرب، وهو ما سيمكِّن من ترحيل المحكوم عليهم في سوريا من أجل قضاء عقوبتهم في المغرب.

المصدر

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك