من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟

رحلة نزوح ولجوء السوريين مع امتداد عمر الثورة السورية، باتت معروفة لدى جميع الدول، ورغم أنّ الدول الحدودية لسوريا وبينها تركيا فتحت أبوابها في الأشهر الأولى أمام اللاجئين، وقدمت نفسها على أنّها الملاذ الآمن، ولكن ما إن خففت الدول الأوروبية عنها الدعم المادي والمساعدات الإنسانيّة حتى تغيّرت المعاملة من أم حنونة إلى زوجة أب قاسية، وأغلقت حدودها أمامهم جميعاً.

تسبب إغلاق الحدود التركية أمام اللاجئين، بتفاقم مخاطر وتكاليف محاولة الراغبين منهم في البحث عن الأمان وأبسط مقومات الحياة الخالية من القصف والغارات، ومن أجل الوصول إلى تركيا يستعين اللاجئون بمهربين لعبور الحدود المشتركة بين البلدين.

مخاطر عديدة يتعرض لها اللاجئون السوريون خلال رحلة التهريب، تبدأ من استغلال مافيا التهريب وابتزازهم لهم إلى قطع آلاف الأمتار وصعود الجبال إلى مواجهة رصاص الجندرمة التركية والتعذيب في السجون الحدودية والتحرش بالمعتقلات أمام الجميع وأخيراً تعرضهم للسلب والنّهب وإعادتهم إلى سوريا… في هذا التحقيق الصحفي المستند على شهادة مهرب وعشرات اللاجئين السوريين ممن حاولوا عبور الحدود بطرقٍ غير شرعية، نسلط الضوء على رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي.

كيف تتمّ عملية التهريب؟
تتمّ عملية التهريب بحسب معد التحقيق، عمر العمر، مراسل وكالة “ستيب” على طول الحدود السورية التركية شمال سوريا؛ وذلك عن طريق التنسيق مع مكتب تابع لهيئة تحرير الشام (الجناح العسكري لحركة الإنقاذ) في بلدة قاح قرب الحدود، حيث تقوم الهيئة بأخذ مبلغ 5000 دولار أمريكي من كل شخص قبل انطلاقه نحو الحدود لتهريبه إلى الطرف الآخر، كما أنّ هناك تنسيق مشترك مسبق بين المهربين والهيئة.

ومع غياب الشمس واكتمال العدد المطلوب الذي يفوق المئات، يتمُّ التنسيق بشكل مباشر بين ضباط أتراك مشرفين على الحدود السورية التركية وعدد من المهربين، أحياناً في مواعيد محددة تصادف منتصف الليل، ويقبض الضباط على كل شخص 1500 دولار، شريطة دخولهم لتركيا بسلامة تامّة؛ وذلك بعد أن يسير الشخص مسافة 3كم حتى يصل إلى النقطة المتفق عليها داخل الأراضي التركية.

أما رحلة التهريب العشوائي فينتظر المهرب الجو الملائم حتى يدخل دفعات من النازحين، وغالباً ما يتمّ إلقاء القبض عليهم بنسبة تصل إلى 85 بالمئة، وبنسبة 15 بالمئة فقط ينجحون بالدخول إلى الأراضي التركية سالمين.

رحلة التهريب:
صورة التقطها مراسل وكالة ستيب الإخبارية توضح طول الجدار الفاصل على طول الحدود السورية التركية
“أبو عامر” أحد أبرز المهربين في الشمال السوري (اسم وهمي اختارته ستيب له بناءً على طلبه)، يقول إنّه بشكل يومي تتمّ محاولة تهريب أكثر من 2000 شخص على طول الحدود السورية التركية الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام وفصائل المعارضة، حيث يقومون بالتنسيق نوعاً ما مع الضباط والعناصر الأتراك، وغالباً تكون بعد التأكد من هدوء المنطقة واستقرارها من الدوريات التركية على الحدود، فيقومون بإرسال دفعات من الأشخاص نحو الداخل التركي.

“ومع كل دفعة نقوم بتهريبها نحو الأراضي التركية، ندخل معها شخص معروف باسم (الدلال)، يمتلك خبرة في الطريق بشكل كامل؛ وذلك من أجل تسهيل عملية التهريب وعدم فقدان أشخاص، خصوصاً أنّ رحلة التهريب تكون في أوقات متأخرة من الليل.

رحلة التهريب:
صورة ليلية التقطها مراسل وكالة ستيب تظهر تكثيف الجندرمة التركية للمراقبة عبر الحدود
¶ مخاطر رحلة التهريب
يكون التهريب غالباً في المناطق الجبلية المغطاة بالأشجار؛ وذلك لتسهيل العملية وعدم كشفها من قبل الحراس، حيث يسير اللاجىء مسافة 2كم تقريباً داخل الأراضي السورية ومن ثمّ يكون بالعبور على الجدار الفاصل الذي يبلغ طوله 6 أمتار وبعرض نصف متر، تغطيه أسلاك شائكة ما يتسبب في الكثير من الأحيان بجروحٍ بليغة لدى الهاربين، ليسير بعد ذلك مسافة 5كم داخل الأراضي التركية، يقولها المهرب “أبو عامر”.

ويشير إلى أنّ التهريب يكون على طول الحدود، ولكن بشكل كبير من مناطق حارم ودركوش وأطمة وكفرلوسين وجنديرس ومنطقة عفرين وريفها “في بعض مناطق التهريب وخصوصاً في منطقة عفرين وما حولها هناك عمليات تكون ضمن أنفاق محفورة تحت الجدار الفاصل بين سوريا وتركيا، وتكون الأجور قرابة 1000 دولار على الشخص الواحد”.

رحلة التهريب:
نقطة مراقبة تركية مطلة على مناطق واسعة من الحدود السورية التركية
¶ رحلة تهريب فاشلة:

فشل منذر المصري وعائلته مراراً في الدخول إلى الأراضي التركيّة، ولكن فشل عن فشل يختلف بحسب قوله “في الحقيقة المهرب السوري وكشاف الطريق لا يهمه المدني الهارب من سوريا حتى وإن قُتِلَ أو ضاع وفُقِدَ في الجبال؛ الشيء الوحيد الذي يهمه فقط هو أن يقبض ثمن دخولنا بأيّة طريقةٍ كانت، وإن كانت طبيعة الهرب والدخول لتركيا تعدّ كمقتل حقيقي بالنسبة لنا”.

ويُضيف: “في أواخر عام 2020، وأثناء دخولي وعائلتي إلى تركيا عن طريق المهرب السوري المدعو، الشيخ إبراهيم -وهو من قاطني قرية حدودية- تمَّ إلقاء القبض علينا من قبل الجانب التركي بعد دخولنا الأراضي التركية بنصف ساعة تقريباً، ولكن قبل أن نعتقل بدقائق قليلة كنا نسمع نباح الكلاب وعويل الذئاب المنتشرة بين الجبال. كنا نسمع أصوات غريبة جداً ونطلب من المهرب السوري إعادتنا لسوريا وكان يرفض ذلك لكي يقبض ثمن أرواحنا إن دخلنا أو قتلنا بين الجبال، لأنّ الطريق الذي سلكناه كان طريقاً جبلياً بمنطقة عفرين بريف حلب”.

ويتابع: “لم تصل الدفعة جميعها حينذاك، لأنّ البعض من النساء والشباب ضلوا طريقهم، وهذا أمر قد يحصل بشكل كبير خصوصاً أنّنا لا نسير ببطء، بل نركض بسرعة في ذاك الجو المظلم، فهذه الأسباب وغيرها قد تكون كفيلة للعثور علينا”.

¶ أبرز المهربين:
يوجد فى المنطقة بحسب معدّ التحقيق، عمر العمر، الكثير من ممن يقومون بهذا العمل الذي بات معروفاً بين الجميع ولم يعد خافياً على أحد، فعندما تسأل شخصاً من المنطقة عن اسم مهرب يقترح عليك عشرات الأسماء، ولكن الذين يتفقون مع هيئة تحرير الشام غالباً ما يحظون برغبة طالب التهريب أكثر، ويقول إنَّ من أبرز المهربين، هم: أبو محمد قاح وإياد أبو مريم وأحمد رضوان العلي وواصل الحسين.

¶ أنواع التهريب حسب الدفع المادي:
يحاول المهرب استغلال اللاجىء عبر وضعه أمام خيارات متعددة، فكلما كانت العملية آمنة كلما ارتفع السعر.

يقول المهرب “أبو عامر” إنَّ تهريب الشخص الواحد عن طريق الجدار العازل يبلغ 600 دولار، وهنا تقدر المسافة المقطوعة بأكثر من 5كم وبوقت يقدر بحوالي 7 ساعات متواصلة، ويتمّ خلالها استخدام السلم لاجتياز الجدار، أما التهريب المسمى بـ”الإذن”، وهنا يكلف الشخص الواحد تقريباً 3 آلاف دولار، ويكون بالتنسيق مع ضابط تركي يقبض على الأقل 2500 دولار، والقسم الآخر من المبلغ المتبقي (500دولار) يعود للمهرب السوري الذي نظم ونسق للعملية، وهنا يكون العبور بواسطة فتحة عسكرية خاصة بالجيش التركي.

كما يتمّ قسم آخر من التهريب عبر المعابر النظامية مع تركيا منها معبر باب الهوى وباب السلامة، وهنا يدخل الشخص أو العائلة المتفق عليها من المعبر إلى تركيا بشكلٍّ سرّي ليلاً مقابل مبالغ ضخمة تصل إلى 4 آلاف دولار، حيث يقوم الضباط التركي بإدخالهم إلى تركيا وتركهم عند أقرب مدينة من المعبر ليقوم مهرب يتقن اللغة العربية باستلامهم وتوصيلهم إلى المكان المتفق عليه، كما يقوم بتصويرهم على الفور وذلك للتأكد من وصولهم وأيضاً لاستلام الأجور من ذويهم أو أقاربهم (طرف ثالث يضمن حق الهارب ليصل إلى بر الأمان).

من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
أبراج مراقبة.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
¶ الوصول الآمن المقرون بحجم الدفع في رحلة التهريب
مع تحكم تركيا بإغلاق الحدود ومنع اللاجئين السوريين من العبور إليها بطرقٍ نظامية، وإقامتها جداراً عازلاً بالإضافة إلى وضع أسلاكٍ شائكة، جعل الوصول إلى تركيا يحتاج إما إلى مخاطرة أو دفع مبالغ مالية ضخمة ليصل اللاجىء إلى الجانب التركي بأمان.

قرر “فراس أبو خالد” أن يخوض مع عائلته المؤلفة من 6 أشخاص بينهم طفلان صغيران، رحلة التهريب والذهاب إلى تركيا شتاء العام الماضي، وبعد تخطيطٍ وتفكيرٍ عميق قام بالاتفاق مع المهرب السوري المدعو “أبو ماهر حدود”، على دفع مبلغ قدره 2400 دولاراً لكامل العائلة شريطة أن يصلوا بسلامة لتركيا دون أي عوائق “خرجنا بسيارة من نوع (Van) قبل أن ننطلق نحو الجدار العازل أي الفاصل بين الحدود السورية التركية، كان يرافقنا المهرب وعائلة أخرى تنوي الهرب أيضاً. وصلنا لمكتب بمحيط بلدة قاح بريف إدلب يتبع لهيئة تحرير الشام وكان يتواجد هناك 400 شخص آخرون، وقام المهرب بأخد مبلغ 50 دولار إضافي على كل شخص منا وقام بدفعها لهيئة تحرير الشام، الذين بدورهم قاموا بتسجيل أسمائنا ضمن السجلات الخاصة بهم”.

رغم الضغوط النفسية التي يعانيها “أبو خالد”، لكن رؤية هذا الكم الكبير من النازحين الهاربين من تحت الركام وهم يخرجون بخوف الــ50 دولار الإضافية لدفعها لهيئة التحرير، أثار حزناً وألماً في نفسه “عندما رأيت المئات من النازحين، هنا تسألت في نفسي كم تجني هيئة تحرير الشام من أرباح يومية من الهاربين من تحت القصف والركام في الشمال السوري، خصوصاً أنّ لديها عشرات المكاتب الموزعة أيضاً على طول الحدود ضمن مناطق سيطرتها”.

وصل “أبو خالد” وعائلته الساعة 7 مساءً إلى الجدار الفاصل مع تركيا، وكان يتواجد في النقطة ما يقارب 20 شخصاً آخرين، منهم شبّان ومنهم عائلات، يقول “انتظرنا حتى الثانية بعد منتصف الليل بعد مراقبة الحدود من المهربين وحينها بدأنا بالدخول والعبور من على الجدار عن طريق السلم. تحركنا مسافة 3 كم متر حتى وصلنا إلى نقطة بمحيط مدينة الريحانية التركية، وحينها قام ما يُسمى دلال الطريق أو الكشاف، بأخذ أجوره منا ومن باقي الأشخاص الذين استطاعوا الهرب والوصول لنقطة الأمان”.

¶ سجون ومخافر حدودية لمنع التهريب:
خلال العامين الماضيين أنشأ الجيش التركي مخافر حدودية ونقاط مراقبة مزودة بكاميرات تجسس قام بنشرها على طول الحدود، كما قام بإنشاء أكثر من 150 سجناً محمياً بكتل إسمنتية، قريبة بشكل كبير من الحدود السورية التركية لزّج من يتم إلقاء القبض عليهم خلال رحلة التهريب بها.

في 17 يناير/كانون الثاني من العام الجاري، عبر علاء ريحاوي الملّقب بـ”أبو محمد”، في تمام الساعة 11 ليلاً الحدود السورية التركية، برفقة عائلته المؤلفة من 4 أفراد وأشخاص آخرون؛ وذلك بعد التنسيق في الدخل السوري مع المهربين وهيئة تحرير الشام “عبرنا الجدار الفاصل وبعد أن تحركنا مسافة 1كم فقط، تمكنت أجهزة المراقبة التركية والأجهزة الحرارية من اكتشافنا على الفور وخلال مدّة قصيرة جداً لا تتجاوز الـ 3 دقائق، رأينا ثلاث سيارات عسكرية شبيهة بنوع (الزيل) تقترب منا، بالإضافة لأكثر من 10 عناصر أتراك وكان معهم كلاب”.

ويقول: “نعم تمّ إلقاء القبض علينا وكنا أكثر من 30 شخصاً بيننا نساء وأطفال. تمّ سوقنا نحو أحد السجون بمحيط معبر باب الهوى، وبعد ذلك دخلنا السجن الذي تقدر مساحته بطول 15م وعرض 7 أمتار، ووجدنا فيها أناس كان قد تمّ إلقاء القبض عليهم قبل ساعات من إلقاء القبض علينا. قاموا بتفتيش كافة المحتويات التي نمتلكها وسحبوا منا أجهزة الموبايل”.

من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
صورة التقطها مراسل وكالة ستيب تظهر مخفر يوضع فيه من يتم إلقاء القبض عليهم خلال رحلة التهريب
¶ عدد الذين يتم اعتقالهم :

بحسب معد التحقيق، يتمّ بشكل شبه يومي اعتقال ما يقارب 2000 شخص على طول الحدود السورية التركية المحاذية لمناطق المعارضة وهيئة تحرير الشام، لا سيّما ممن يسلكون الطريق عبر مهربين لا صِلة لهم بالهيئة.

حيث تخطى أعداد الذين تمّ اعتقالهم من قبل الجيش التركي، مئات الآلاف من المدنيين على مدار السنوات الماضية بينهم عشرات الآلاف من العوائل التي تضم نساءً وأطفالاً صغاراً ومنهم من لا يتجاوز عمره الــ 5 أشهر.

¶ المعاملة مع المعتقلين السوريين خلال عملية التهريب:

وفقاً لشهادة العشرات من السوريين الذين تمّ إلقاء القبض عليهم خلال فشل رحلة التهريب، وتمّ زجهم في السجون، تختلف المعاملة مع المعتقلين السوريين حسب الضباط الأتراك، فمنهم من ينصح السوريين المعتقلين بعدم الهرب مرّة أخرى نحو الأرضي التركية ومنهم من يقوم بتعذيبهم بشكلٍّ جنوني.

بعد ليلةٍ مخيفة استيقظ المعتقلين على صراخ العناصر والضباط الأتراك، حيث دخل ضابط تركي وقام بضرب أحد المهربين ضرباً مميتاً، ما أصاب بعض النساء والأطفال بالذعر، وبعد لحظات من المشهد المرعب دخل مزيد من العناصر وقاموا بضرب جميع الرجال أمام أعين النساء والأطفال، وكان بعض الضباط يتكلمون باللغة العربية وقال أحدهم بصوتٍ عالٍ “تريدون أن تهربوا من بشار الأسد”، ثمّ انهال غاضباً بالضرب على رجل كبير السن ذو لحية بيضاء أمام زوجته وأولاده حتى أخرج الدم من فمه، بحسب ما قاله ريحاوي لوكالة “ستيب”.

بقي ريحاوي وأكثر من 170 نازحاً في السجن لمدّة 48 ساعة متواصلة، يحظون خلالها بشربة ماء ورغيف خبز، يقول ريحاوي “بعد 48 ساعة، جاءت دفعات كبيرة من أشخاص تمّ إلقاء القبض عليهم حديثاً أثناء محاولتهم العبور نحو الأراضي التركية، حينها قاموا بإخراجنا من السجن وإدخال الدفعات الجديدة التي ألقي القبض عليها، أما نحن توجهنا عبر دفعات بالسيارات العسكرية نحو معبر باب الهوى الحدودي وقاموا بتصورينا وتسجيل أسمائنا، ومن ثم أعادوا الهواتف إلينا دون البطاقة، وقسم آخر من الهواتف كان مكسوراً أو معطلاً في حين لم يعثر آخرون على هواتفهم، ومن ثمّ ركبنا بباص يخصّ الجانب السوري في معبر باب الهوى وتمّ إعادتنا إلى الأراضي السورية بعد رحلة مكلفة وخطيرة.

من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
¶ التحرش بالفتيات بحجة التفتيش:
في يوم 22فبراير/شباط الجاري 2021، وصل “محمد العمر” مع مجموعة يقدر عددهم بـ20 شخصاً معظمهم من الشباب وبينهم 3 نساء، إلى المنطقة المتفق عليها لمقابلة المهرب، ومع حلول الظلام توجّه العمر برفقة المجموعة فوراً نحو الجدار الفاصل مع تركيا، وتحديداً قرب بلدة أطمة الحدودية، وبعد 3 ساعاتٍ من الانتظار تمكنوا من تخطي الجدار؛ وذلك بسبب المراقبة المكثّفة من قبل القوات التركية في المنطقة.

تمكن 4 أشخاص فقط من أصل 20 من الدخول بسلامة لمحيط مدينة الريحانية بعد تخطي مسافة 4كم، فيما ألقت الجندرمة التركية على الـ 16 الآخرين بينهم نساء، حيث تمّ نقلهم بعربة عسكرية نحو أحد المخافر الحدودية، وتحديداً مخفر الحدود المعروف بمخفر ونقطة “أطمة” لقربه من البلدة، يقولها محمد العمر.

قامت الجندرمة التركية، باقتياد هؤلاء إلى السجن الذي كان يحوي ما يقارب 100 معتقل آخرين بينهم نساء وأطفال وكبار سن، وبحسب العمر كان البعض منهم مريضاً والآخر يصرخ من الألم جراء ضربه بعصا كهربائية، فيما كاد قسم من الأطفال يختنق من ضيق المكان وشدة البرد ليلتها، كما كان جميع المعتقلين دون ماء أو شراب أو أغطية نوم، جالسين في أقبية السجن البارد.

داخل السجن لم يحلو للجنود الأتراك من بين العشرات إلا تفتيش فتاة في مقتبل العمر (20 عاماً)، طالبوها بخلع حجابها عنوةً، يقول العمر “شاهدت بأم عيني مطالبة جنديان تركيان من فتاة بخلع حجابها وبعض من ملابسها عنوةً بحجة التفتيش، ولكن رغم رفض الفتاة وبكائها أمام الجميع مطالبةً إيّاهما بالتوقف عن ذلك، إلا أنّهما صرخا عليها واجبروها على خلع حجابها وجزء من ملابسها”.

المشهد كان مؤلماً للفتاة أمام عشرات الشبان الذين لم يفعلوا أي شي كرّدة فعل بسبب التواجد التركي الكثيف في النقطة، ولأن رجلاً أربعينياً طالب العناصر الأتراك بالتوقف عن ذلك فكان الرد منهم بضربه على رأسه بسلاحهم أمام الجميع حتى نزف دماً، وفق ما شاهده محمد العمر قبل أيّام داخل السجن الذي كان فيه.

قتلى سقطوا على يد الجندرمة التركية خلال رحلة التهريب:
سقط العشرات من اللاجئين السوريين قتلى وجرحى على يد الجندرمة التركية، أثناء رحلة التهريب بحثاً عن ملاذٍ آمن، دون أن تفرق الجندرمة بين الأطفال والشباب وكبار السن، وهنا نذكر أمثلة عن بعض الذين قضوا حياتهم على يد الجندرمة التركية.

بتاريخ 24 مارس/آذار 2018، قُتِل الطفل بلال كنوف قنصاً في منطقة جسر الشغور بريف إدلب برصاص الجندرمة التركية.

من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
صورة الطفل بلال كنوف الذي قُتِل على يد الجندرمة التركية خلال رحلة التهريب
وفي 20 أبريل من العام نفسه، قُتل الناشط الإعلامي طالب إدريس برصاص قوات الحرس التركي، وذلك خلال محاولته عبور الجدار العازل نحو الداخل التركي.

من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
صورة للناشط الإعلامي طالب إدريس الذي قضى حتفه على يد الجندرمة التركية
وفي 5أغسطس 2019، قُتِلَ الشاب هشام مصطفى من أبناء قرية عزمارين بريف إدلب، برصاص القوات التركية أثناء محاولته العودة لتركيا بطريقة غير شرعية.

من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
صورة تظهر المواطن المدني هشام مصطفى الذي قُتِلَ على يد الجندرمة التركية خلال رحلة التهريب
وفي 28 يونيو من العام نفسه، أطلقت الجندرمة التركية الرصاص الحي على مجموعة لاجئين حاولوا العبور إلى الأراضي التركية، ما أدّى إلى وقوع جرحى بينهم طفل بإصابات خطيرة.

كما قضت الطفلتان حلا صوان ودعاء مصطفى عيد، في 5 أبريل من العام نفسه، برصاص الجندرمة وجرح العشرات خلال محاولتهم مع العشرات في الدخول إلى الأراضي التركية من جهة ريف حارم بريف إدلب الغربي.

من تحت الأنفاق والأسلاك الشائكة إلى مصيرٍ مجهول.. رحلة التهريب من أين تبدأ وكيف تنتهي وعبر من؟
صورة الطفلتان حلا صوان ودعاء مصطفى عيد اللتان قُتِلَتا برصاص الجندرمة التركية
وحتى نهاية مايو/أيار الماضي، قتل الجيش التركي 462 لاجئاً سورياً، بينهم 59 امرأة و85 طفلاً، حاولوا عبور الحدود التركية، وفق ما نشره الموقع الرسمي لمركز توثيق الانتهاكات في شمال سورية ( vdc) في الثالث من يونيو الماضي.
المصدر

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك