حريق سينما عامودا

من ضحايا حريق سينما عامودا 1960

شهدت مدينة عامودا في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، في 13 تشرين الثاني 1960، مقتل أكثر من 200 شخصا أغلبهم أطفال من المرحلة الابتدائية من تلامذة ( مدرسة الغزالي الابتدائية ) لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً، في حريق نشب بدار “سينما شهرزاد” أثناء عرض الفيلم المصري (شبح منتصف الليل) في صالة السينما، من أجل دعم الثورة الجزائرية ضد الفرنسيين (1954 – 1962) آنذاك، على أن يتم إرسال ثمن التذاكر كمساهمة لدعم الثورة. علماً أن فيلم (شبح نصف الليل) هو لفريد شوقي وزهرة العلا، ولم يكن مخصصاً للأطفال وعُرفت هذه الحادثة بحريق سينما عامودا، أو مجزرة سينما عامودا.

في ذاك اليوم المشؤوم تحولت عامودا إلى بيتٍ كبير للعزاء، عويل وصرخات الأمهات عانقت السماء، ولكن لم تتجاوز تلك الصرخات جغرافية مدينة عامودا، واليوم بعد مرور 60 عاماً على تلك الحادثة، لم يسمع الجزائريون بمدينة عامودا أساساً، مدينة صعد منها إلى السماء 200 ملاك من بين 500 طفل كردي كانوا يحضرون فيلماً دعماً لثورة الجزائرية.

خلال العرض الثالث الذي استقبلته سينما “شهرزاد”، اندلعت شرارة من محرك العرض القديم، لتمتد بعدها النيران إلى الجدران الخشبية والأثاث، وأجساد الأطفال، ولم تكن دار السينما سوى غرفة طينية مستطيلة الشكل، سقفها من الخشب والقش، وجدرانها مغطاة من الداخل بخيش مدهون بمواد قابلة للاشتعال.

في العرض اشتعلت النيران بالسينما، ويقال إن شرارة خرجت من المحرك وما لبث أن اشتعل السقف الخشبي والقشي والجدران الخشبية والكراسي، أي أن كل ما فيها كان مهيأ للاشتعال السريع. وما زاد من صعوبة الأمر هو الازدحام الكبير للأطفال، ولم يكن هناك سوى مخرج وحيد وقد سُدّ لشدة الازدحام وأغلق الباب الخشبي المرتفع عن الأرضية، ما أبقى الأطفال محاصرين في الداخل، ولم يكن برفقتهم أي من المعلمين ولا المدير، فقط بعض الفنيين الذين لم يتمكنوا من إنقاذهم.

سمع أهل المدينة صراخ الأطفال فركضوا لنجدتهم، وخلال تدخّل الأهالي سقطت عارضة خشبية من السقف وأودت بحياة شاب أنقذ نحو 12 طفلًا يدعى محمد سعيد آغا الدقوري.

وراح ضحية الحريق أكثر من 200، أغلبهم أطفال من المرحلة الابتدائية لا تتجاوز أعمارهم 12 عاماً. وشكلت الحادثة مأساة في تاريخ المدينة والذاكرة الكردية والسورية عموماً، وقد أهملت السلطة التي كانت تتمثل بالوحدة المصرية السورية آنذاك التحقيق الجدي في الحادثة، وواظبت الحكومات السورية المتعاقبة على إهمال التحقيق في القضية التي لا تزال مغلقة.

المبنى لم يمتلك مواصفات صالحة لأن يكون داراً للسينما، فهو صغير، مبني من الطين، وأُلبس من الداخل ومن كافة جوانبه، بستائر دون ترتيب، سقف البناء من خشب. باب المدخل لصالة العرض يعلو عن الأرض، وبالتالي فأرض الغرفة من الداخل منخفضة، الباب مؤلف من درفتين… المحرك (الموتور) يبدو أنه كان بحاجة إلى فحص، إن لم يكن بحاجة إلى صيانة، عمل بتواصل عدة وجبات أي على غير عادته، وفوق طاقته دون توقف.

المبادرة نظمت من قبل مدير ناحية عامودا، لحضور الفلم المصري ( شبح منتصف الليل ) في صالة السينما، من أجل دعم الثورة الجزائرية ضدّ الفرنسيين (1954 – 1962) آنذاك، على أنّ يتم إرسال ثمن التذاكر كمساهمة لدعم الثورة.

وفيلم «شبح نصف الليل» هو لفريد شوقي وزهرة العلا، ولم يكن مخصّصا للأطفال.

خلال العرض الثالث الذي استقبلته سينما “شهرزاد”، اندلعت شرارة من محرك العرض القديم، لتمتد بعدها النيران إلى الحيطان الخشبية والأثاث، وأجساد الأطفال المذعورين، ولم تكن دار السينما سوى غرفة طينيّة مستطيلة الشكل، سقفها من الخشب والقشّ، وجدرانها مغطّاة من الداخل بخيش مدهون بموادّ قابلة للاشتعال. تلك كانت حينذاك تعتبر في عداد دور السينما، وهو ما تسبب في تفاقم حجم الكارثة.

صور لعدد من الضحايا

في العرض اشتعلت النيران بالسينما، يقال إنّ شرارات خرجت من المحرّك وما لبثت أن اشتعلت بالسقف الخشبيّ والقشّي والجدران الخيشية والكراسي الخشبيّة تاليا، أي كلّ ما فيها كان مهيّأ لاشتعال السريع. وما زاد الأمر صعوبة هو الازدحام الكبير للأطفال، ولم يكن هنالك من مخارج سوى مخرج وحيد سدّ لشدّة الازدحام وأغلق الباب الخشبيّ المرتفع عن الأرضيّة، ما أبقى الأطفال محاصرين في الداخل، ولم يكن برفقتهم أيّ من المعلمين ولا المدير، فقط بعض الفنيين الذين لم يتمكّنوا من إنقاذ الأطفال وسط الهياج والجنون والرعب والنار والازدحام.

أحد الناجين من الأطفال، وآثار الحروق ما تزال على جسده

اليوم، مايزال بعض أولئك الأطفال على قيد الحياة يستذكرون الفاجعة، وآثار الحروق ماتزال بادية على أجسادهم ووجوههم، يزورون كل عام النصب التذكاري الذي شُيّد في مكان الحادثة، التي وقعت خلال حكم جمال عبد الناصر في فترة الجمهورية العربية المتحدة، وقُيّدت “ضد مجهول”.

هذه هي شاشة العرض لسينما شهرزاد في عامودا

دار سينما:
مبنى السينما، لم يمتلك مواصفات صالحة لأن يكون دارا للسينما، فهو صغير، ومبنيّ من الطين، ألبس المبنى من الداخل من كافة جوانبه، بستائر دون ترتيب، ربما للتغطية على العيوب، أو لتعطي جمالية، وربما لشيء آخر؛ سقف البناء من خشب بأسانيد وعوارض حديدية، تطلق عليها بالكردية لفظة ( دا مّـر ) وهي من بقايا عواميد سكك القطار الحديدية؛ باب المدخل لصالة العرض يعلو عن الأرض، فتكون بالتالي أرض الغرفة من الداخل منخفضة، الباب مؤلف من درفتين… المحرك (الموتور ) يبدو أنّه كان بحاجة إلى تفحص، إن لم يكن بحاجة إلى صيانة، عمل بتواصل عدة وجبات أي على غير عادته، وفوق طاقته من دون توقف، ليحضر الفيلم أكبر عدد ممكن. صاحب السينما اسمه هو ( أحمد حسنات ) و( عزو ماكو )… العامل أو المشرف على تشغيل الفيلم اسمه ( قيا ).

صورة لكامل صاله سينما شهرزاد في عامودا بعد الحريق. هل يُصدّقُ عاقلٌ أنّ هذه السينما تتسع لـ500 شخص. من الصورة يمكنكم معرفة مساحة وحجم الصالة

الشرارة الأولى كانت كفيلة بالتهاب القاعة كلها نارا وحريقا ودمارا وموتا؛ الستائر اندلعت فيها النيران سريعا، وكانت تتساقط على الصبية كقطع ملتهبة، فتحرق ما تقع عليه.. سقف الصالة توهج باللهيب، هلع الأطفال ورعبهم الشديد، وتدافعهم وتساقطهم على باب المدخل، أدى إلى سدّ الباب بدرفتيه، وفي جو خانق من الدخان، كل هذا وغيره سببا في موت عدد كبير من الصبية حرقا وبعضهم اختناقا، وأيضا فإنّ عددا من الأطفال ما أن تمكنوا من النجاة، وفلتوا من الحريق، حتى سقطوا في قعر جب في باحة مبنى السينما، المبنى تهاوى سريعا.. ..!

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك