بإشراف ولاتها … “الحكومة المؤقتة” تركيا تعيد تشكيل ثلاثة مجالس محلية في ريف حلب

أعادت تركيا تشكيل ثلاثة مجالس محلية في ريف حلب الشمالي اليوم، الجمعة 2 من تشرين الأول ضمن مخطط شامل يستهدف عزل غالب أعضاء المجالس المحلية السابقة وتعين آخرين مقربين من تركيا.

المجالس الثلاثة التي شُكلت اليوم في ريف حلب الشمالي، هي مجلس محلي لمدينة الباب، ومجلس محلي لمدينة بزاعة، ومجلس محلي لمدينة قباسين. حيث تم إعلان الأسماء من قبل والي عينتاب التركي الذي زار المدن الثلاث وافتتح أعمال المجالس في ظل فشل إداري وأمني وانتشار السلاح والتفجيرات في عموم المناطق الخاضعة لتركيا شمال سوريا.

وشهد ريف حلب الشمالي تأسيس مجالس محلية بدعم مباشر من الحكومة التركية، منذ سيطرة قواتها في آب 2016، على أبرز المدن في المنطقة، وهي جرابلس والباب واعزاز، لتبدأ مرحلة تأسيس إدارات المدن تحت إشراف تركي.

المجالس مرتبطة شكليا بالحكومة السورية المؤقتة لكنها تدار من قبل الولاة الأتراك وهي تحت هيمنة المجالس العسكرية والفصائل المسلحة التي شُكلت في مراكز المدن، وقد خرجت العشرات من التظاهرات التي تتهم هذه المجالس بالفساد والرشوة والمحسوبية والفشل الخدمي.

وتوجد في المنطقة مجالس محلية مركزية تتبع لها مجالس البلدات، ويبلغ عدد المجالس المركزية عشرة، هي: اعزاز، صوران، مارع، أخترين، الباب، بزاعة، قباسين، الراعي، جرابلس، و المجلس المحلي في عفرين.

المجالس المحلية في عفرين:

استطاعت تركيا بمشاركة فصائل الجيش الوطني الموالي لها السيطرة على عفرين، في آذار 2018 وبسط نفوذها الأمني فيها، وسط انتهاكاتٍ قامت بها الفصائل من نهبٍ وسلبٍ وخطف، واستيلاءٍ على ممتلكات المدنيين وترهيبهم، الأمر الذي دفع غالب الأكراد وهم سكانها الأصليين إلى مغادرة عفرين.

وقد أسست تركيا جهاز من الشرطة العسكرية والشرطة المدنية وغالبهم من عناصر الفصائل المسلحة نفسهم لفرض السيطرة في المنطقة، كما وأسست 7 مجالس محلية، فارضةً معادلةً أمنيةً وإدارية وعسكرية تتيح لها شروط التحكّم والتدخّل كافة.

وفي تشكيل المجالس المحلية أحدثت تغييراتٍ في نسبة التمثيل السكاني عند تشكيلها في عفرين، فارضةً تقسيم غير عادل كان للعرب والتركمان الموالين لها حصّة كبيرة منه. وأوجدت أنقرة نخبة سياسية كردية جديدة من الموالين لها، وأقصت التكنوقراط الأكراد عن العمل في المجالس المحلية.

مع السيطرة على عفرين انشغلت وحدات خاصة تركية إلى جانب المخابرات العسكرية التركية، بوضع اليد على المقرّات الأمنية والعسكرية لوحدات حماية الشعب. بعدئذ أنشأت تركيا عدداً كبيراً من المقرّات العسكرية يقع قسمٌ منها على الحدود السورية التركية، فضلاً عن ذلك، أنشأت تركيا محطة استخباراتٍ تركيةً التي تشرف على كل شيء في عفرين.

وحُكِمَت عفرين، من بداية العام ٢٠١٤ حتى السيطرة التركية ، وفقًا لقواعد الإدارة الذاتية ، فأحُدِثَت فيها ١٧ بلدية (مجلس محلي)، فيما شكّلت الكومونات في الأحياء والقرى الحلقةَ الأخيرةَ في سلسلة الإدارة الذاتية.

دفعت معركة عفرين معظم العاملين في مؤسسات الإدارة الذاتية إلى الفرار، في حين تعرّض مَن قرّر البقاء للاعتقال. فضلاً عن ذلك، فُكّكَت على الفور كافة المؤسسات المحلية، لتحلّ محلّها هياكل جديدة تحت إدارة تركيا مباشرة.

عمدت تركيا، حتى قبل إعلان النصر العسكري، إلى دعم أنشاء ما سمي مؤتمر “إنقاذ عفرين” في مدينة غازي عنتاب التركية، في ١٨ آذار ٢٠١٨، من أجل تشكيل إدارة محلية جديدة عوضا عن الإدارة الذاتية. أشرف والي غازي عنتاب على المؤتمر مقدّماً له التسهيلات، فيما اقتصر الحضور على شخصيات غير معروفة إلا بولائها للأتراك. وقد غاب عن المؤتمر كلٌّ من المجلس الوطني الكردي، والناشطون الشباب المستقلّون.

انتخب مؤتمر “إنقاذ عفرين” ٣٥ شخصيةً شكّلت مجلس مدينة عفرين المحلي، ثم أنشأت تركيا هيئةً عامةً للمجالس المحلية في كامل منطقة عفرين، في ١٠ نيسان ٢٠١٨. ووسّعتها لتضمّ ١٠٧ أعضاء، مئةٌ منهم رجال و٧ نساء. وغابت السيدات عن تشكيلات المجالس المحلية في مدن جنديرس، وراجو، وشيخ الحديد، حيث ضمّت مجالس مدن عفرين، وبلبل، ومعبطلي امرأتين، والمجلس المحلي لشران امرأة واحدة.

التمثيل لم يُراعِ المكوّنات الحقيقية، خصوصاً في مجلس مدينة عفرين الذي حظي العرب فيه بنسبةٍ كبيرةٍ من المقاعد تتخطّى تمثيلهم الحقيقي. فوجودهم في المدينة يقتصر على بعض قرى على مجرى نهر عفرين، ومع ذلك حصلوا على ٨ مقاعد أي ما يتخطّى نسبتهم في عفرين. في المقابل، حظي الأكراد على ١١ مقعداً للمحسوبين على تركيا لا تاريخ سياسي لهم، والتركمان على مقعدٍ واحدٍ بالرغم من عدم وجودهم الفعلي في منطقة عفرين. وقد أُعطي هذا المقعد لشخص عربي مقرّب من أنقرة يحمل الجنسية التركية، هو الطبيب أحمد حاجي حسن، الذي يدير المكتب الطبي في معبر باب السلامة.

تشرف ولاية هاتاي التركية بشكلٍ مباشرٍ على المجالس المحلية في منطقة عفرين، عبر ولاة مناطق أتراك وفقاً للتقسيم الأمني (والي عفرين، ووالي راجو، ووالي جنديرس). هؤلاء يمثّلون والي هاتاي في مناطقهم، وكلّ واحد منهم يتحكّم بالمجالس المحلية في قطاعه.

وصحيح أنّ المجالس المحلية تتبع الحكومة السورية المؤقّتة، إلا أنّها تتلقّى أوامرها التنفيذية من الجانب التركي بشكلٍ مباشر. وهذا ما أكّده رئيس مجلس عفرين، المهندس سعيد سليمان، في لقاء مع صحيفة حبر حول طبيعة العلاقة مع الحكومة السورية المؤقّتة، وما يتّفق مع شهادة أحد أعضاء المجلس المحلي في عفرين بأنّ تركيا هي مَن تشرف على التنسيق والخطط التنفيذية، في ظلّ غياب أيّ دورٍ أو وجودٍ في عفرين للحكومة المؤقّتة، التي منعتها أنقرة من فتح مكاتبها هناك.

تتلقّى المجالس المحلية في منطقة عفرين مخصّصاتٍ ماليةً شهريةً من تركيا عبر والي هاتاي، على غرار نظيراتها في منطقة “درع الفرات، وهي أموال عائدات المعابر الحدودية التي توزّعها تركيا أيضاً على الجيش الوطني، وتخصّصها لترميم البنية التحتية.

الاعتقالات وخطف أعضاء المجالس المحلية وتصفيتهم:

رغم أنّ تركيا كانت حريصة للغاية في تعيين الموالين لها ضمن المجالس المحلية، لكن سرعان ما قامت الفصائل المسلحة ضمن الجيش الوطني في مزاحمة هذه المجالس ووجدتها ندا لها وتعرقل مساعيها في إدارة وحكم مناطق انتشارها لا سيما وأنّ كل فيصل استولى على منطقة أو عدد من القرى وحولها لمستعمرة خاصة، وفرض ما يشاء من قوانين ووزع العقارات والأراضي والمنازل على عناصره وقادته.

أولى حالات الانتقام من أعضاء المجالس المحلية راح ضحيتها نائب رئيس المجلس المحلية في بلدة شيخ الحديد واسمه احمد شيخو حيث اعتقل من قبل عناصر فيصل سليماه شاه المعروف باسم العمشات وقتل تحت التعذيب بتاريخ 12 حزيران /يونيو 2018 وتوالت بعضها حملات استهداف أعضاء المجالس.

كما وأنّ غالب أعضاء ورئيس مجلس إنقاذ عفرين الذي تشكل في عينتاب تحت إشراف واليها التركي هرب إلى هولندا، وادعى أنّه تعرض لمحاولة اغتيال في تركيا.

روابط ارشيفية
ميليشيات المعارضة المدعومة من تركيا تعتقل المزيد من أعضاء المجالس المحلية في عفرين

ميليشيات المعارضة المدعومة من تركيا تعتقل المزيد من أعضاء المجالس المحلية في عفرين


ميليشيات المعارضة المدعومة من تركيا تواصل اعتقال المزيد من أعضاء المجالس المحلية في عفرين

ميليشيات المعارضة المدعومة من تركيا تواصل اعتقال المزيد من أعضاء المجالس المحلية في عفرين


“العمشات” تعتقل العشرات من الشبان وأعضاء المجلس المحلي في عفرين

“العمشات” تعتقل العشرات من الشبان وأعضاء المجلس المحلي في عفرين


الفصائل المسلحة تأكل حلفائها في عفرين وتعتقل المزيد من قيادات المجلس الوطني الكردي

الفصائل المسلحة تأكل حلفائها في عفرين وتعتقل المزيد من قيادات المجلس الوطني الكردي


عفرين: مسلحون يجبرون ذوي مدني قتل تحت التعذيب على الإدلاء بشهادة كاذبة

عفرين: مسلحون يجبرون ذوي مدني قتل تحت التعذيب على الإدلاء بشهادة كاذبة


السلطات التركية تشن حملة اعتقالات جديدة لأعضاء المجالس المحلية الموالية لها في عفرين

السلطات التركية تشن حملة اعتقالات جديدة لأعضاء المجالس المحلية الموالية لها في عفرين

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك