شهادات مروعة عن تعذيب السوريين في أقبية السجون الواقعة تحت إشراف السلطات التركية

تقرير : نورهات حسن

آلان عمر الشاب الكردي العشريني اعتقل وخطف كالكثير من بني جلدته، رأى الويلات في أقبية تركيا في كلس وسوريا، محققون أتراك اعتدوا عليه بالضرب في حين كان شاهداً على قتل مسن تحت التعذيب واغتصاب فتيات في سجن الراعي المرعب.
سرد لنا آلان عمر(اسم مستعار) وهو شاب من عفرين في ال23 والعشرين من عمره قصته مع المحتلين الأتراك والفصائل التابعة لتركيا، التي احتلت عفرين في مطلع عام 2018 وتعيث فيها خراباً إلى الآن.

قصص مرعبة تحدث في أقبية الاحتلال التركي في بلدة الراعي شمال سوريا بالإضافة إلى مدينة كلس التي باتت مركزاً لاحتجاز الكُرد العفرينيين.

يقول عمر إنه قرر العودة إلى قريته في 20 آذار 2018 أي بعد الاحتلال بيومين، وأضاف: “عندما قررت أن أعود إلى مدينتي المغتصبة على ايدي مرتزقة الجيش اللاوطني وأحفاد أرطغرل، سلكت طريقاً ترابياَ بين قرية براد وقريتي نظرت من بعيد لمنزلي القرية تفاجأت برؤية علم المرتزقة فوق منزلي”.

وتابع أيضاً: “اقتربت من المنزل بهدوء وتردد فإذ به فارغ تماماً بقيت اسبوعاً كاملاً في المنزل تراودني أفكار شيطانية حول إمكانية خطفي على يد هؤلاء الذين لا دين لهم ولا معتقد سوى الارتزاق والسرقة والقتل، وفي الصباح الباكر حسمت رأي وقررت الذهاب إلى منزلي في مدينة عفرين ورغم إن المدينة تبعد 10 كم من قريتي إلا أنني سلكت الطريق مشياً على الأقدام”.

وأشار عمر إنه فتح باب بيته في مدينة عفرين ورآه فارغاً: “حتى أبوابه الخشبية مسروقة. بقيت يومين في المنزل أراقب المرتزقة، كيف يتسابقون بالجرارات المسروقة وعلى اوتوستراد شارع الفيلات وفجأة أحدهم قرع الباب بشيء من الهدوء المرعب، فتحت الباب وإذ به شخص كنت قد طلبت منه أن يخرج في نوبة حراسة ليحمي مدينته، وهو من المكون العربي أصلع الرأس وقصير وسمين وقال أين أسلحتك وأردفها بضحكة خبيثة فقلت له عن أي أسلحة تتحدث وبيت من تطلب لم يكمل الحديث معي وقال لأحدهم في الخارج “تعو بسرعة القيادي في البيت”.

تسليمه للأتراك
وقال آلان عمر إن 6 عناصر من مرتزقة جيش الشرقية يتزعمهم المدعو أبو يزن وهو ضابط سابق في مخابرات النظام هرعوا إلى بيته: “وكان خلفهم عدد من الشرطة العسكرية أيضاً وكان من بينهم مرتزق اسمه رائد، بعد التفتيش اخذوني إلى مقرهم وتم تعذيبي حتى الصباح ثم تم تسليمي إلى مرتزقة لواء الشمال على شارع الفيلات ومقرهم بجانب “بوظة أبو شادي”.

ونوه عمر إن لواء الشمال سلمه للجنود الأتراك وأردف: “في الصباح اليوم التالي أتى أبو عبدو وهو مسؤول لواء الشمال وقال “شحطوه وسلموه للأتراك” واقتاتوني إلى مبنى السرايا القديم الذي أصبح مقراً للأتراك واستلمني جندي تركي ولكن المفاجأة إنه كان من كُرد باكور كردستان (تركيا) بقيت 3 أيام عندهم تحت الضرب والتعذيب بالعصي والركل بالأرجل والإهانة حتى قاموا بإخراجنا ونقلنا عبر مدرعة إلى الأراضي التركية وبالتحديد كلس”.

سجن أشبه بيوم القيامة
وعن سجن كلس الذي تم الحديث عنه كثيراً من قبل أهل عفرين وهو بمثابة الجهنم بالنسبة لهم قال آلان عمر: “السجن كان أشبه بيوم القيام، كل غرفة أبعادها 5 بـ 5 متر، كان في السجن قرابة 100 شخص بينهم مسنين وأطفال من أهالي عفرين وأغلب التهم كانت باطلة، البعض محتجز بتهمة الخدمة الإلزامية وآخرون تم إطلاق سراحهم مقابل مبالغ مالية تتجاوز الـ 10 آلاف دولار دون تحقيق حتى”.

سجن الراعي
“بعد أربعة أيام من بقائي في كلس ولا أعلم لماذا تم نقلي إلى كلس، نقلوني إلى سجن بلدة الراعي شمال سوريا وهو سجن سيء الصيت، هناك تبدأ قصة التعذيب الجسدي والنفسي ضدي وضد كل من كان مسجون هناك”.

وأضاف آلان عمر متحدثاً عن غرفة التحقيق في سجن الراعي: “أما غرفة التحقيق فقبل الدخول إليها يتم إعصاب العينين كي لا ترى الطريق ولا تتعرف على المحققين. يأتي إليك مرتزق من مرتزقة السلطان مراد مهمتهم الترجمة، أما المحقق فيكون تركياً، وفي كل لحظة كان المحقق يضربني بكل قوة باستعمال “العصى الغليظة” شعرت أحيانا إن الدم يخرج من رأسي مثل النافورة”.

وأشار أيضاً: “المحقق يهددك بالقتل واغتصاب اخواتك وامك ويقول “سنسأل عنك وإذا كذبت بحرف واحد سنحرقك” استمر هذا السيناريو معي لثلاثة أشهر”.

وأضاف آلان عمر إنه كان هناك ما يقارب الـ 1000 معتقل كردي من عفرين في ذلك السجن الكبير، من بينهم أطفال في الـ 14 – 15 من عمرهم ومن بينهم 6 مختلين عقلياً: “ولا أعلم إن أصبحوا كذلك تحت التعذيب أو كانوا كذلك قبل الخطف”، وأَضاف: “كان يتم تعذيب الفتيات باستخدام الكهرباء، فقد كان هناك قسم لاحتجاز الفتيات الكرديات أيضاً. كانوا يغتصبون الفيتات ليلاً، كنا نسمع الأصوات، كانوا يقصدون إهانتنا بكرامتنا”.

أدوات التعذيب في سجن الراعي
ونوه آلان عمر إلى أدوات التعذيب في سجن الراعي وقال: “كان العذيب هو استخدام الصدمات الكهربائية الكهرباء، بالإضافة إلى ملئ برميل المياه ووضعك فيه وتوصليه بالكهرباء، كانوا يعذبون الفتيات عبر الضرب على أجسادهم بالكبلات الكهربائية”.

وأضاف أيضاً: “طبعا التعذيب كان حسب أهواء المرتزقة، كلما جاء على بال مرتزق أن يعذب شخص كان يختار شخصاً ويعذبه، أثناء تعذيبي، كان المرتزقة يفتحون جرحاً عبر المشرط في ظهري وفي يدي وكان يشعون مفك براغي فيه ويضربون بالشاكوش، كانت تشعر بأن روحك تخرج من جسدك من شدة الوجع، بالإضافة إلى ذلك كانوا يقلعون الأظافر أيضاً مع المعتقلين الآخرين”.

وأرسل آلان عمر صورة ليده لنا تظهر فيه مكاناً جرحه المرتزق المشرط.

ماذا عن غرفة الاحتجاز والطعام المقدم؟
وتابع عمر حديث بالحديث عن غرفة اعتقاله: “كانت يوجد في الغرفة التي انا فيها حوالي 90 شخص وكان الغرفة 6 بـ 8 أمتار، كنا نتناوب على النوم، كل 45 شخص ينام ويبقى ال45 الآخرون واقفين”.
كما تحدث عن الأكل في ذلك السجن الذي كان يصفه دائماً بالمرعب وقال: “كان الأكل يومياً عبارة عن صحن شوربة عدس، وكان الصحن الواحد ل7 أشخاص، مع رغيف خبز بائت، أو بطاطا صغيرة واحدة لكل شخص مع خبز متعفن”.

مواطن مات تحت التعذيب في سجن الراعي
عندما يتم الحديث عن هذا السجن، تراود الفظائع بال المرء، فمن المؤكد إن الاحتلال التركي وفصائله يرتكبون الجرائم هناك لكن بسبب منع الإعلام من العمل هناك تبقى هذه الجرائم دفينة لا أحد يتحدث عنها.
وهذا ما استطاع الشاب آلان عمر الكشف عنها لنا، فقد أكد إنه كان شاهداً على قتل مسن كردي تحت التعذيب في أقبية سجن الراعي، قال أشار: “في سجن الراعي قتل مسنٌ كردي تحت التعذيب اسمه عبد الرحمن، لا أعرف كنيته، كان عمره ما يقارب الـ 60 عاماً، كنت شاهداً على ذلك”.

الإفراج عنه في سجن الراعي
بعد بقاء آلان عمر في سجن الراعي لثلاثة أشهر تحت التعذيب والضرب والإهانة تم الإفراج عنه من قبل الفصائل، هو يقول “لماذا تم اعتقالي وتم الإفراج عني لا أعلم!”، وأضاف أيضاً: “بعد الإفراج قضيت أيام طويلة أبحث عن هويتي الشخصية ولم أجدها، طبعا المال الذي كان معي وبعض الأوراق الأخرى نسيت أمرها”.

اليوم الأسود.
في الجزء الآخر من قصته يسرد لنا آلان عمر قصة خطفه على يد فصيل فيلق الشام في 17/6/2018.

وقال عمر إن أمر خطفه جاء من قبل فيلق الشام جاء بأمر من المدعو أبو عدي وهو كان قائد الشرطة العسكرية حينها، وأضاف: “تم إعصاب أعيني ونقلي إلى بيت لم أعرف أي قرية هي، بقيت مختطفاً هناك حتى الشهر التاسع من عام 2018، طيلة هذا الوقت كان المرتزقة يأملون أن أعطيهم فدية مالية، لكن ذلك لم يحصل”.

ويقول عمر هناك تم تعذيبي في الأسبوعين الأولين بواسطة ربطي بحبل غليظ وتعرضي للضرب بواسطة كبل كهربائي ومفك مطرقة، المفك كان يستعمل لتجريح يدي وقدمي وظهري والمطرقة لضرب المفك على مكان الجرح”.
هناك تعرف عمر على حرس المنزل الذي كان مختطف فيه وكان يدعى أحمد يحيى وهو في الـ 45 من عمره، وأضاف عمر: “هذا الشخص عرض عليي 500 دولار لتهريبي من السجن، في البداية لم أهتم ظننت إنه يجربني ليرى إذا ما سأقبل أو لا، لكن كان جاداً”.
وأضاف أيضاً: “في يوم من أيام الشهر التاسع من عام 2018، ذهب كافة قيادات فيلق الشام إلى إدلب للاجتماع، في الصباح جاء هذا الشخص وفك القيود عن يدي وقال اهرب لكن يجب عليك دفع 500 دولار، بالفعل هربت إلى المنزل وأبي دفع له 500 دولار”.

الخروج من عفرين
بعد خمسة أيام من هروبه، كان آلان عمر يعلم إنه إذا بقي في عفرين سيخطف مرة أخرى، وأضاف في نهاية حديثه: “تعرفت على مهرب كان جيراننا في عفرين، وأخرجني من مناطق الاحتلال التركي مقابل 200 دولار أمريكي”.

كما أرسل آلان عمر صور لعناصر من فيلق الشام خطفوه وعذبوه أثناء الخطف مع الأسماء.

 

 

 

 

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك