تركيا “مذعورة”من المفاوضات الكردية – الكردية في سوريا وبدأت تحرك أدواتها بمساعي إفشاله

ظلت تركيا طيلة سنوات تستغل “مظلومية السوريين” وتروج أنّها دولة تراعي حقوقهم وتسعى بشتى الوسائل لتخليصهم من الظلم الذي يقترفه “نظام الأسد” بحقهم، لكن مع الوقت باتت المفردات التركية تتبدل تدريجيا، لدرجة أنّها باتت مقتصرة على الترويج للمظلومية العربية والظلم الذي يتعرضون له من قبل “الكرد” وتستخدم مصطلحات “طائفية”، وتحولت بعدها للحديث عن المظلومية الكردية، وأنّ هنالك كردا يتعرضون للاضطهاد من قبل “الكرد” وأنّ تركيا ستقوم بتخليصهم، فجاء هجوم عفرين وما نتج عنه من تبعات كارثية ليكشف مدى زيف كل الادعاءات التركية، مثلما كشفت النتائج النهاية لاتفاقيات استانة وتسليم مدن المصالحات مدى زيف الشعارات التركية، وأنّها خانت السوريين عموما.

الخطاب الطائفي الذي انتهجته تركيا كان غرضه التحريض الكردي ضد الكردي والعربي ضد الكردي والكردي ضد العربي لإشعال المنطقة ليسهل تفكيك مؤسسات الإدارة الذاتية الأمنية والعسكرية والخدمية، وهو رهان فشل مع الهجوم التركي على منطقة شرق الفرات، حيث بدت المؤسسات الأمنية والعسكرية أكثر ثباتا، رغم كل الجهود والأموال الطائلة التي صرفتها تركية والقصف والتجييش الإعلامي والتوغل الاستخباراتي لكنها فشلت في اقتحام المنظمة المتكاملة التي بنتها الإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا، وهو أحد أهم أسباب الامتعاض التركي، التي باتت على ثقة بأنّ هذا الكيان بات أمر واقع ولو أنّها نجحت في احتلال ثلاث مدن رئيسية، لكنها عجزت عن تدميره، لا بل وليعود أكثر قوة ومتانة.

الخطاب التركي استثنى النظام تماما، وركز فقط على قوات سوريا الديمقراطية \ وحدات حماية الشعب، ورفعت تركيا شعارات جميلة المظهر قبيحة المحتوى من مثيل أنّها تسعى لتخليص الكرد والعرب من الظلم الذي يقترفه “حزب الاتحاد الديمقراطي” بحقهم. لكن أتت تجربة عفرين والغزو التركي وما نتج عنه من تهجير قسري للسكان وقصف وتدمير للمدينة والبنية التحتية من مدارس ومشافي ودور مسنين ورياض أطفال وشبكات مياه وكهرباء، وصرف صحي والمآسي المستمرة التي خلفها الغزو على الرغم من مرور سنتين ونصف لتثبت زيف تلك الادعاءات؛ وتبع ذلك الهجوم التركي على بلدتي تل أبيض ورأس العين والمعاناة وتبعاتها الكارثية التي أضرت الجميع مقارنة بالرخاء الذي كانوا يعيشون فيها قبل توغل الجيش التركي في مناطقهم برفقة مسلحين غرباء همهم الاستيلاء ومعاقبة المدنيين جميعا دون استثناء عربا أم كردا ومنع عودة المهجرين منهم.

ورغم مرور سنتين ونصف ما تزال تسجل في عفرين إلى اليوم أعلى أرقام الانتهاكات التي تمارسها القوات التركية والجماعات السورية المسلحة المرتبطة بائتلاف المعارضة الموالية والمدعومة منها.

انتهاكات وصفتها منظمة العفو الدولية وتصفها منظمات حقوق الإنسان بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. إضافة لما تقوم بها تركيا من تنظيم حملات تجنيد السوريين من أطفال وسكان المخيمات لإرسالهم كمرتزقة للقتال في ليبيا.

جاء الهجوم التركي الأخير على بلدتي رأس العين \ سري كاني و تل أبيض \ كري سبي ليكشف مجددا حقيقة النوايا التركية الخبيثة، وأنّ كل الشعارات السابقة كانت مجرد ادعاء، تخدم مشاريعها الاستعمارية في المنطقة، لا سيما بعدما فشل مشروع الوصول لدمشق عبر أذرعها السياسية والعسكرية، واضطرت للتراجع إرضاء لروسيا والدخول في اتفاقيات استانة التي بموجبها تم سحب فصائل المعارضة تباعا من المدن ضمن ما عرف باتفاقيات المصالحة، وجرى تكويمهم في مناطق عفرين وإدلب ومناطق درع الفرات، هؤلاء أعادت تركيا تجنيدهم مجددا وشنت عبرهم الهجوم على شرق الفرات وهو الهجوم الذي لاقى تنديدا ورفضا دوليا وعربيا واسعا وما تم فيه من انتهاكات فظيعة لحقوق السكان وقتل وإعدامات ميدانية وقصف المدن والبلدات وتدمير البنية التحتية وتهجير السكان الأصليين مقابل توطين لاجئين من مناطق سورية أخرى قامت تركيا بتجنيدهم للقتال في ليبيا ، وهو المخطط الذي أعلنه الرئيس التركي صراحة وهو السعي لتوطين 2 إلى 3 مليون سوري في المناطق الحدودية وأنّ هذه المناطق تناسب العرب كونها صحراوية، ولا تناسب الأكراد وهي يثبت مخطط تهجير أصحابها ضمن مخطط تغيير ديمغرافي حذرت المنظمات الدولية من خطورته.

مع المساعي الأخيرة لفك عقد الخلافات الكردية الكردية التي أعلنها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي والترحيب الشعبي، ومباركة الأحزاب والتفاؤل في أن ذلك سيدفع الأوضاع في المنطقة للمزيد من الاستقرار، وأنّ تحقيق المصالحة سيساهم في تقوية الإدارة الذاتية وتثبيت مواقفها في أي تفاوض مستقبلي مع حكومة دمشق، توجست تركيا الخطر، وهي التي كانت تعمل طيلة السنتين السابقتين وتتهم قوات سوريا الديمقراطية باعتقال المعارضين وأنّها لا توفر الاستقرار ولا تسمح لبقية الأحزاب السياسة بممارسة عملها… المفترض من حيث المبدأ أن تلقى “مبادرة الجنرال” ترحيبا، كون تركيا كانت تدعي الحرص على الدعوة لتحقيق ذلك، لكن الذي حدث هو العكس فمع خلو السجون في شمال سوريا من أي معتقل سياسي، وبدء اللجان الحزبية من الأطراف المتخاصمة في الاجتماع وعقد اللقاءات برعاية أمريكية – فرنسية بدأت تركيا تحرك أدواتها لإفشال ذلك، حاربت أولا عبر الإعلام، وسلطت وسائلها الإعلامية لشيطنة المبادرة، والهجوم عليها، وسعت كذلك لتقبيح المجلس الوطني الكردي، الذي ظلت طيلة سنوات تمتدحه…

رد الفعل التركي يأتي ضمن السياق، ويبدو أنّها وجدت خطرا يتهدد مشروعها الأساسي الذي اضطرت لإيقافه بعد أن تصاعدت وتيرة التنديد الدولي أثناء الهجوم على سري كاني، واضطرت لعقد هدنة صاغتها الولايات المتحدة في أكتوبر 2019، فتركيا طموحها السيطرة على المنطقة الواقعة في شمال شرق سوريا برمتها وصولا لدير الزور منابع النفط، أي احتلال كل بقعة خارج سيطرة الحكومة السورية، وهذا هدف أول…الهدف الثاني هو تهجير سكانها، ليس مهما إن كانوا عربا أم كردا فتركيا تستهدف اقتلاع جذور السكان وإعادة رسم خريطة جديد للسكان فيها عبر التهجير والتوطين وهذا دأب الأنظمة التركية المتعاقبة ومارسته طيلة العقود السابقة على أراضيها ضد الأرمن والأشور وضد العرب أنفسهم وضد الأكراد…

صياغة هياكل كردية – عربية لخدمة المشروع لتركي:
بالطبع لا يمكن لتركيا سياسيا وعسكريا تنفيذ هجوم أو تحقيق توغل عسكري منفردا فهي بحاجة لجيش رديف من السوريين كواجهة، لتبرير غزواتها، وهو ما وجدته عبر إعادة تكويم فصائل المصالحات و الجماعات المشتتة المتشردة ضمن ما يسمى بالجيش الوطني السوري واستخدامهم كوسيلة لغزو المدن، والسعي بالتزامن مع نشر تقارير تظهر ريادتهم غزواتها، وأنّهم يقاتلون معا لإعادة الاستقرار للمناطق السورية، ضمن مسرحيات غرضها تخفيف حدة الانتقادات الدولية، بالفعل نفذت تركيا عبر هذا التشكيل هجومين الأول انتهى بغزو مدينة عفرين في آذار 2018، والثاني بغزو منطقتي تل أبيض ورأس العين في أكتوبر 2019. وما رافقها من مآسي وخراب وتصاعد حدة الصراعات العرقية والطائفية، خاصة وأنّ غزواتها ترافقت مع تهجير السكان، وإطلاق يد المسلحين في ارتكاب الانتهاكات

كما وجدت أنّها بحاجة لذراع سياسي في مخاطبة المجتمع الدولي، ووسائل الإعلام فكان الائتلاف ضالتها، حيث ربطت تلك الفصائل شكليا بالائتلاف والحكومة السورية المؤقتة ومقرها عينتاب، وهذه التشكيلات عموما لا تستطيع الانحراف مطلقا في مواقفها وخطاباتها وبياناتها عن “السياسة التركية”، ويردد قادته في تصريحاتهم وبيانتهم المصطلحات التركية حرفيا، ينسخون الموقف التركي تجاه كل القضايا الجارية في المنطقة والعالم، كتنظيم يمثل أداة تركيا منصاعة، ولكون المجلس الوطني الكردي ضمن الائتلاف كانت تركيا تدعم شخصيات فيها تتبنى خطابها تماما، وتقدمهم لوسائل الإعلام والمجتمع الدولي على أنّهم ممثلين عن الكرد، وأنّهم يباركون عملياتها العسكرية، كما وكانت تستند لبيانتهم التي يهاجمون فيها حزب الاتحاد الديمقراطي كذريعة مكملة لدعم حملاتها. وبعد سيطرة الجيش التركي على المدن السورية، لم تقبل تركيا أن يتم افتتاح أي من مكاتب الائتلاف، أو الحكومة السورية المؤقتة، أو المجلس الوطني الكردي فيها.

لم تجد تركيا حاجة لاستخدام رابطة قام جهاز استخباراتها بتشكيلها في حزيران 2016 بمدينة أورفا، كونها تفتقر لأي غطاء شعبي، وهي تجمع شخصيات لها ماض سيء ولا وزن اجتماعي أو ثقافي لهم، والشيء الوحيد في رصيدهم هو الطاعة، والولاء لتركية “الأردوغانية” لكن ومع تتالي الانتهاكات وتصاعد وتيرتها وانفضاح السياسة التركية في المنطقة عبر رفض السماح حتى للمجلس الوطني الكردي بممارسة عمله السياسي في المناطق السورية التي سيطرت تركيا عليها لا بل واعتقال وتصفية قادته والتضييق عليهم ورفض العودة حتى لعوائلهم.. خرج المجلس ببيانات تناقض مواقف الائتلاف، وهو ما دفع الائتلاف بطلب تركي لعقد جلسة توبيخ للمجلس وإلزامه بالصمت.

ومع بداية العام الجاري تبدلت الأمور لا سيما مع تزايد احتمالات تدخل أمريكي – أوربي للضغط على الأطراف الكردية للبدء بمفاوضات وحل خلافاتهم ضمن مسعى تثبيت الوضع الحالي في شمال شرق سوريا، لا سيما مع تراجع الولايات المتحدة عن الانسحاب الكامل من سوريا، ودعم أوروبي وعربي متزايد لمنطقة الإدارة الذاتية، لم تكن تركيا بعيدة، وظلت تراقب التطورات الجارية بذعر، لا سيما وأنّ المبادرة جرت على عجل، ونتائجها كانت سريعة التطبيق من حيث فتح مكاتب الأحزاب الإفراج عن المعتقلين، إتاحة حرية العمل السياسي والتظاهر وهي أمور لا تتوفر في تركيا ذاتها التي تمارس اضطهاد ضد المعارضة وتعتقل حتى الآن الآلاف \264 ألف\ خمسهم من المعتقلين السياسيين بينهم قادة أحزاب \صلاح الدين دمرتاش و فيغان يوكسك داغ (رؤساء سابقين) المعتقلين مع المئات من أعضاء ومسؤولي حزب الشعوب الديمقراطية منذ نوفمبر 2016. إضافة للمئات من رؤساء البلديات وأعضاء الأحزاب الأخرى، كما وأنّ السلطات التركية استولت على 36 بلدية، من أصل 65 بلدية فاز بها مرشحو حزب الشعوب الديمقراطي في الانتخابات البلدية الأخيرة بتركيا وتم تسليمها لأعضاء من حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه الرئيس التركي وأغلقت المئات من الصحف ووسائل الإعلام واعتقلت رؤساء التحرير والصحفيين وقادة الرأي والنشطاء.

المفاوضات الكردية الكردية وسرعة تقدمها والمعلومات المسربة عنها دفعت تركيا بالتعجل في تحريك أدواتها، فجاءت أول خطوة مباشرة بعدما نشرت تقارير عن الوصول لصيغة مبدئية للاتفاق بين حزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي وأنّ مسودة الاتفاق تضمنت حلا لمجمل القضايا الإشكالية، فهرولت تركيا الى الائتلاف لابتزاز المجلس الوطني الكردي، حيث طلبت تركيا من الائتلاف التعجل في قبول عضوية تنظيم قامت بتأسيسه قبل عامين وهو تحت اسم (رابطة المستقلين الكرد) هذا التنظيم بحسب منشقين عنه عدد أعضائه 19 تم تأسيسه في حزيران 2016 بمدينة أورفا، ووفرت المخابرات التركية تمويل لقاعدة إعلان المؤتمر كما ودفعت أجور الأعضاء والضيوف الذين جاؤا للمشاركة فيه من المدن التركية ومن أوروبا إضافة لمصاريف الغذاء والإقامة رغم أنّه في تلك الفترة كانت تركيا قد حذرت منح الفيزا للسوريين المتواجدين في أوروبا، لكنها منحتها ل 7 أشخاص قدموا من فرنسا وألمانيا وهولندا، ومن أعضاء الرابطة المؤسسين أسماء كانت تقود تنظيمات عسكرية مسلحة مصنفة على لوائح الإرهاب الدولية مرتبطة بجبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في سوريا، ولعل رئيس الرابطة بنفسه كان من الذين شاركوا جبهة النصرة في الهجوم على بلدة رأس العين \ سري كاني سنة 2013. القاسم المشترك بين أعضاء الرابطة هو الموالاة المطلقة لتركيا وترديد مصطلحاتها وتنفيذ سياستها، وهذا ما يظهر من تناوب استضافتهم على وكالة الأناضول الحكومية التركية على قنواتها الرسمية ك TRT 6حيث ظهروا 13 مرة خلال الهجوم التركي على عفرين كما شاركوا في برامج TRT6 والأناضول 33 مرة منذ الهجوم التركي على شرق الفرات كانوا يواظبون في ظهورهم على الترويج للسياسة التركية وتجميلها ورواية خطابها باللغة الكردية والعربية…كما وخصصت تركيا عبر والي أورفا ميزانية تصرف للرابطة آجار مقرهم، وتكاليف المقر، والرواتب إضافة لتغطية تكاليف تنقلهم بين الولايات التركية، وتنقلهم إلى دول أخرى وتوفير فيزا لهم خاصة للولايات المتحدة، ضمن مخطط الترويج لرواية الأتراك وتقديمهم على أنّهم ممثلين عن الأكراد في سوريا.

كما طلبت تركيا بضم جسم تأسس بالتزامن مع الهجوم على تل أبيض ورأس العين \ شرق الفرات ويطلق عليه اسم “مجلس القبائل والعشائر السورية” حيث تم ضم 5 أشخاص منهم لائتلاف من أصل 6 مرشحين ذلك أنّ السادس كان كرديا رغم أنّه موالي للأتراك لكن تم استبعاده.

ووفرت لتلك الكيانات الكثير من الدعم الاعلامي، وتتعمد اظهارهم على وسائل اعلامها كما ودفعتهم لاصدار العشرات من البيانات التي تأتي مفرداتها ضمن المخطط السياسي التركي، بذات المصطلحات والاشارات، الى جانب تقديم دعم مادي لتلك الكيانات ودفعهم للتواصل مع المزيد من الشخصيات السورية، بغرض اغرائهم بالمال والمنصب….

هذه الخطوات الأولى تأتي ضمن مخطط واسع، تمارسه تركيا عبر أذرعها وعملائها، وستواصل استخدام هذه الكيانات الوهمية، كبديل أو حتى للابتزاز والضغط، وهنا يأتي دور القوى الوطنية السورية للتنبه للمخططات التركية في المنطقة عموما والتعاون لضرب أذرعها أينما كانت، وأينما حل التركي يكون الخراب والدمار، والخيانة والغدر، هذه ما تثبته تجارب 9 سنوات من الحرب السورية على الأقل وبالعودة لتاريخ هذه الدولة الطويل سنجده مليئا بالدم والغدر والخيانة.

تركيا تقود مشروعا تخريبيا في المنطقة وهذا المشروع بدأ ينحصر تباعا في سوريا والعراق وليبيا…ويجب على القوى جميعها التعاون لتفويت أيّة فرصة قد تستفيد منها تركيا لإعادته للحياة، على حكومة دمشق أيضا إدراك مدى الضرر الذي يسببه التوغل التركي في سوريا وأن تسعى لفتح حوار حقيقي مع القوى الوطنية في شمال شرق سوريا، وتبدأ بمفاوضات جدية مع قوات سوريا الديمقراطية ذلك سيسهل إزالة المخاطر الخارجية أولا، وسيكون مفيدا لتحرير البلاد برمتها من سيطرة التنظيمات الإرهابية وإعادة الاستقرار وتحقيق السلام.

الكاتب : مصطفى عبدي

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك