تركيا تواصل تتريك الشمال السوري عبر بوابة التعليم

مافشل فيه العثمانيين طيلة 400 عام من حكمهم للمنطقة تحاول حكومة “العدالة والتنمية” إعادة تدويره، سواء أكانت باحتلال المدن، واخضاعها عسكريا، أو بفرض اللغة والثقافة، وحتى الأعلام والصور والشعارات.

تركيا ترفع من وتيرة عمليات «الهندسة الاجتماعية» التي تقوم بها، بدون أي مقاومة، في المناطق التي تحتلها شمال سوريا.

ولا تجد تركيا رادعا من مواصلة ذلك، من خلال مختلف مؤسساتها العسكرية، الأمنية، السياسية، الخدمية، حتى الأطفال لم يسلموا، كيف لا وهم الجيل الأفضل لزرع بذور التبعية والولاء عبر تنفيذ أنشطة ثقافية، ترفيهية، أو حتى دينية.

وتواصل تركيا المضي في سياسة تتريك الشمال السوري؛ عبر بوابة التعليم. اليوم الأحد تم افتتاح مدرسة “احمد تورغاي إمام جيلار” في مدينة جرابلس بحضور والي عنتاب و عضو مجلس الشعب التركي نجاة كوجر ( AK Parti Gaziantep Milletvekili Nejat KOÇER ) عن حزب العداله والتنمية والوالي كمال والوالي أمين.

من هو أحمد تورغاي؟
أحمد تورغاي هو مساعد والي مدينة “عنتاب” في مدينة “جرابلس”، وهو المسؤول عن الفعاليات العلمية التركية بمنطقة “جرابلس”، وتوفي تورغاي بتاريخ 12.1.2019. ينحدر ” تورغاي ” من مدينة شاركيشلا في ولاية سيواس.

وتُعتبر بوابة التعليم هي الخطة الأخطر في عملية التتريك الجديدة نظرا لفرض اللغة والتاريخ التركيين على الطلبة السوريين بكل ما يحمله ذلك من عملية تزوير للعديد من الحقائق والوقائع التاريخية والثقافية والعلمية على حدّ سواء من وجهة نظر تركية عثمانية بحتة، وتمجيد السلاطين العثمانيين واعتبارهم رموز مقدسة. إذ تواصل تركيا توزيع الكتب المدرسية في مدينة تل أبيض والمناطق الأخرى الخاضعة لها شمالي سوريا.

رعاية تركية للعملية التعليمية
ظهرت البصمة التركية بصورة جلية في القطاعات الخدمية بالريف الشمالي لمحافظة حلب، وبرزت تداعياتها في جوانب تعليمية وطبية وأخرى خدمية، رغم وجود تصدٍ عفوي يسعى الشمال السوري من خلاله إلى الحفاظ على الطابع الثقافي الأصلي للمنطقة.

مستشفيات حديثة وجامعات تركية ومراكز ثقافية أدخلتها تركيا إلى مدن ريف حلب الشمالي، قسمت الآراء بين من اعتبرها تطورًا يضفي على المنطقة تسهيلات وخدمات “غير معهودة” تعود على السكان بالفائدة، فيما اعتبرها آخرون هيمنة هدفها تكريس الوجود التركي في الشمال السوري.

عين على التربية والتعليم العالي
تتحكم تركيا بشكل كامل بالعملية التعليمية في مناطق نفوذها المباشر في الشمال السوري، رغم أن المناهج السائدة في المدارس هناك هي ذاتها مناهج “الحكومة المؤقتة” المعدلة عن مناهج وزارة تربية النظام السوري واضيفت اليها مواد باللغة التركية.

إذ طالت تلك المناهج تغييرات في بعض المضامين والإشارات السياسية، أبرزها في مواد التاريخ والجغرافيا، لأنها تحوي “مغالطات” من وجهة نظر تركيا، إذ تم، على سبيل المثال، إزالة أي كلمات تشير إلى “احتلال عثماني” واستبدالها بـ “حكم” عثماني، كما وأنه تجري افتتاح دورات للغة التركية داخل المدارس ويلزم الطاقم التعليمي والطلاب حضورها.

وتحاول تركيا تطبيق نظامها التعليمي في هذه المناطق، الأمر الذي أكّده علي رضا ألتون إل، مدير برنامج “التعلم مدى الحياة” في وزارة التعليم التركية، في لقاء مع صحيفة “الشرق الأوسط” في أيلول الماضي، إذ قال إن “الوزارة تعمل على نقل تجربة التعليم في تركيا، وبخاصة نظام التعليم الإلكتروني إلى مناطق درع الفرات خلال فترة قصيرة”.

وتضم هذه المناطق نحو 500 مدرسة، يدرس فيها نحو 150 ألف طالب، وفق تصريحات وزارة التعليم التركية.

بدورها، أصدرت المكاتب التعليمية في مجلس محافظة حلب الحرة، العام الماضي، قرارًا يقضي بإدراج اللغة التركية ضمن المناهج الدراسية ابتداءً من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية، لكنها لم تطبق في جميع المدارس الفاعلة هناك حتى الآن.

إضافة إلى ذلك، تسمّى العديد من المدارس بأسماء تركية، نسبة إلى قتلى في بعض المعارك خلال عملية “درع الفرات”، فضلًا عن الجمع بين علَمي الثورة وتركيا على أغلفة “الجلاءات” المدرسية.

وعملية التتريك تجري على قدم وساق، إذ إن الدوائر الحكومية والرسمية باتت ترفع العلم التركي بدلاً من العلم السوري، كما يتم داخلها رفع صور أردوغان، وتكتب أسماء الدوائر والمؤسسات باللغتين التركية والعربية، حيث تبدو الكلمات التركية أكبر حجماً من العربية. كذلك فإن الحدائق العامة باتت تحمل أسماء عثمانية مثل «حديقة الأمة العثمانية» في أعزاز، وساحة أردوغان في عفرين، وأطلقت أسماء تركية على العديد من المدارس السورية، مثل مدرسة «بولانت آل بيرق».

وتعمل الحكومة التركية على تغيير ديمغرافي واسع من خلال طرد مئات آلاف الأكراد من مناطقهم، كما حدث في عفرين حيث تم طرد نحو 200 ألف كردي. وتعمل السلطات التركية حالياً على استقدام سكان أخرين غير الأكراد إليها خصوصاً النازحين من دوما والغوطة الشرقية وحمص وحماة، وهم من عائلات المسلحين الذين خرجوا من هذه المناطق والتحقوا بالمسلحين الموالين لتركيا.

كذلك، فإن المجالس المحلية تم تعيينها من جانب أنقرة، وتدار من قبل الولايات التركية القريبة من الحدود السورية، في ظل غياب أي دور للحكومة السورية. واتجهت تركيا إلى تقييد حركة الأموال الداخلة إلى سوريا وضبطها من خلال نظام الحوالات التركي. ومن مظاهر التتريك أيضاً أن القضاة والمحامين السوريين لا يتم تعيينهم إلا بالتنسيق مع وزارة العدل التركية، ولا يُسمح للشركات غير المسجلة في تركيا بالعمل في عفرين أو مناطق أخرى خاضعة للسيطرة التركية. كما تم مؤخراً افتتاح مدينة صناعية واقعة بين الباب وحلب وربطها بتركيا لتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير بين تلك المناطق وتركيا.

علم تركيا على “الجلاءات” المدرسية
طالت التغييرات تحت الظل التركي في المنطقة المناهج الدراسية التي قررتها “الحكومة السورية المؤقتة”، والتي عدلت بعض مضامينها والإشارات السياسية فيها، وخصوصًا في مواد التاريخ والجغرافيا، إذ تم، على سبيل المثال، إزالة أي كلمات تشير إلى “احتلال عثماني” واستبدال “حكم عثماني” بها، وهو ما أكده وزير التربية والتعليم، عماد برق، في لقاء سابق مع عنب بلدي.

في الوقت ذاته تعمل تركيا على تطبيق نظامها التعليمي في هذه المناطق، بالوقت الذي تعمل فيه على إنشاء منظومة تعليمية متكاملة تخدم المنطقة، وتضم هذه المناطق نحو 500 مدرسة، يدرس فيها نحو 150 ألف طالب، وفق تصريحات وزارة التعليم التركية.

وأُدرجت اللغة التركية في المناهج الدراسية ابتداء من المرحلة الابتدائية حتى المرحلة الثانوية، وفق قرار صدر عن المكاتب التعليمية في مجلس محافظة حلب الحرة، عام 2017.

وظهر الطابع التركي جليًا في العملية التعليمية، بعد أن جمعت المكاتب التعليمية في مناطق ريف حلب على أغلفة “الجلاءات” المدرسية علمي الثورة والتركي.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك