اردوغان هو الخاسر الوحيد في المحادثات مع بوتين بشأن سوريا

الفائز في هذه الجولة هو فلاديمير بوتين. تلك هي أفضل عبارة توجز المحادثات التي جرت في الآونة الأخيرة بين الرئيس الروسي ونظيره التركي رجب طيب أردوغان.

فبعيدا عن التصريحات الروتينية بخصوص “توطيد العلاقات في مجالي الأعمال والسياحة وتعزيز التجارة بين البلدين”، كانت القضية الحقيقية المطروحة على الطاولة هي المستنقع المسمى بسوريا.

لقد وصل أردوغان المصاب بخيبة الأمل إلى موسكو في الثالث والعشرين من يناير. كانت هناك خلافات حادة بين تركيا والولايات المتحدة العضوين في حلف شمال الأطلسي (الناتو). هذه الخلافات تدور حول انسحاب القوات الأميركية من سوريا والتعامل مع الميليشيا الكردية وحدات حماية الشعب. وقد علم الرئيس التركي أن بوتين له اليد العليا فيما يتعلق بـ”المنطقة الآمنة” التي يريد إقامتها والسيطرة عليها في سوريا.

من ثم، لعب بوتين أوراقه بعناية مناورا أردوغان، وعمل من خلال ثلاث مستويات من المناقشات. كانت الأرض ممهدة تماما. وفي مؤتمر صحفي عقد خلال الأيام القليلة الماضية، تطرق المتحدث باسم الكرملين إلى ما أحرزه الجهاديون من تقدم في محافظة إدلب، رغم الوعود التركية والمهلة المحددة لنزع سلاح هذه الجماعات.

وحين التقى الزعيمان، أجريا محادثات صعبة على ما يبدو بشأن هذه القضية. وثمة مؤشرات على أن هناك عملية عسكرية منسقة إلى حد ما – ولكن ليست مشتركة – ستجرى قريبا في هذا الجيب.

وتنتظر روسيا من تركيا أن تساعد – قدر الإمكان وبدون المشاركة بقوة على الأرض – في دخول قوات النظام السوري إلى المنطقة. وستواجه القوات السورية الجماعة الجهادية الرئيسية، وهي هيئة تحرير الشام، التي باتت تسيطر على إدلب.

من الواضح أن اتفاق الرئيسين الروسي والتركي على تحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال التنسيق الأفضل واتخاذ “إجراءات إضافية” بمثابة هزيمة لأردوغان. وفي نظر روسيا، لم يف أردوغان بوعده، مما يدفع إلى تحرك سوري لدخول إدلب وتنفيذ المهمة.

أما المستوى الثاني من المحادثات فكان بخصوص المنطقة الآمنة، وهنا قدم بوتين على غير المتوقع بطاقة استذكار، ألا وهي بروتوكول أضنة. جرى توقيع هذه الاتفاقية بين تركيا وسوريا في العام 1998. وفي 2010، تطورت الاتفاقية إلى معاهدة سارية لمدة ثلاث سنوات، تدعو إلى التعاون والتحرك المشترك بشأن أمن البلدين. وقد تم ذلك من خلال تدابير من بينها تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن منظمات إرهابية محددة.

ومع وضع نص بروتوكول أضنة على الطاولة، طلب بوتين من أردوغان بدهاء فتح حوار مع الرئيس السوري بشار الأسد لأن تركيا وسوريا لديهما مصالح مشتركة في مكافحة الأنشطة الإرهابية. وبهذه الخطوة الماكرة، كان من الواضح أن بوتين يقترح على أردوغان أن يحصل على موافقة الأسد إذا أراد أن يقيم منطقة آمنة ضد ما يعتبرها جماعات إرهابية كردية. كانت فكرة أن يلتقي أردوغان مع زعيم وصف نظام حكمه علنا بأنه غير شرعي بمثابة أمر مخز للرئيس التركي.

ومن ثم جاء المستوى الثالث من المحادثات، والذي تطرق إلى تأسيس لجنة دستورية لسوريا، تحت رعاية روسيا وإيران وتركيا. وفي أواخر العام الماضي، دعا أردوغان بريطانيا وألمانيا وفرنسا إلى زيارة إسطنبول، وطلب من الدول الثلاث تأييد الخطوة. غير أن تلك الدول فعلت العكس في الآونة الأخيرة، ودعت الأمم المتحدة إلى عدم تأييد العملية. وكان الفائز في هذه الجولة أيضا هو بوتين، الذي يريد دفع تركيا إلى الانخراط بشكل أكبر في العملية عند التعامل مع إدلب وإجراء حوار محتمل بين أنقرة ودمشق.

لم يتضح بعد ما إن كانت أنقرة على دراية تامة بما يلوح في الأفق. لا يتضح ما إذا كانت قد أدركت تماما أن المفاوضات الحقيقية على سوريا وفي سوريا ستكون بين نظام الأسد والجماعات الكردية السورية، وحتى وإن كانت روسيا تراقبها بعناية.

لقد اتخذ الأكراد بالفعل خطوات تجاه دمشق. وفي حين أن فكرة تركيا بشأن إقامة منطقة آمنة خاضعة لسيطرتها تبدو سرابا بشكل متزايد، فإن موسكو تزيد تضييق الخناق على أنقرة.

كاتب أعمدة، شريك مؤسس في “بونتو24″، معلق مشارك في صحيفة الغارديان.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك