الأكراد وتركيا: جذور الأزمة وتقاطع المصالح

تفجرت أزمة أكراد سوريا بوصفها فصلا من فصول الحرب المشتعلة في ذلك البلد منذ سنوات.
وتداخلت مع تفجر الأزمة مصالح الأكراد والنظام السوري في مقابل مصالح الولايات المتحدة وروسيا وتركيا.
ولأنّ تركيا ترى في نفسها لاعبا أساسيا على الأرض فقد أرادت إعادة رسم الحدود المجاورة لها مع سوريا وبما فيها التوغل إلى مساحات هائلة تشمل مدنا بأكملها ومنها عفرين ومنبج وإدلب وهو تمدد لن تستطيع تحقيقه الا بضرب أكراد سوريا المتعاونين مع الولايات المتحدة والذين أشرفت هذه الأخيرة على تدريبهم وتسليحهم واصبحوا قوة ضاربة في محاربة تنظيم داعش الإرهابي.
لقد خيم على مناطق شمال وشمال شرق سوريا جو من الغموض والقلق بعد قرار الرئيس دونالد ترامب سحب القوات الأمريكية التي ساعدت في تأمين المنطقة وهي مناطق بقيت مستقرة و لجئ اليها آلاف النازحين من المدن السورية الأخرة .
وتبلغ مساحة هذه المنطقة حوالي ربع مساحة سوريا، وهي أكبر منطقة لا تزال خارج سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد المدعوم من روسيا وإيران.
ويخشى قادة أكراد سوريا أن تستغل تركيا فرصة الانسحاب وتشن هجوما عليهم في شمال سوريا. وترى أنقرة الأكراد تهديدا لها.
ونتيجة لذلك، يتواصل الأكراد مع موسكو ودمشق على أمل التوصل لإتفاق لحماية المنطقة فضلا عن حماية مكاسبهم السياسية.
بدأ حزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الحزب الكردي الرئيسي في سوريا، في اكتساب موطئ قدم في الشمال في بداية الحرب وسيطر على المدن وتمكن من تاسيس الإدارة الذاتية بالتعاون مع احزاب أخرى وتحالفات متينة مع العرب وبقية شعوب المنطقة من سريان وغيرهم.
وقامت وحدات حماية الشعب بتأمين المنطقة وأسست قوات أمنية.
وفي بداية الصراع، تركزت سيطرتها على ثلاث مناطق كردية وجرى تشكيل هيئات حاكمة بقيادة الأكراد.
وتوسعت منطقة نفوذ وحدات حماية الشعب بعد انضمامها للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لتصبح الوحدات بعد ذلك المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية المتعددة العرقيات.
وامتد نفوذ قوات سوريا الديمقراطية إلى منبج والرقة بعد هزيمة تنظيم داعش الإرهابي هناك. ووصلت قوات سوريا الديمقراطية أيضا إلى عمق دير الزور حيث مازالت تقاتل تنظيم داعش. وتقول قوات سوريا الديمقراطية التي تضم أيضا عربا وجماعات أخرى إنّ قوامها يربو على 70 ألف مقاتل.
ويقول قادة الأكراد إنّ هدفهم حكم ذاتي في سوريا لامركزية وليس الاستقلال.

الانسحاب الاميركي أثار قلقا واسعا في أوساط الأكراد مالبث أن تبعه التزام بضمان أمنهم بحسب تصريحات ترامب
ولدى تركيا أقلية كردية تمثل ما بين 15 إلى 20 في المئة من سكانها ويعيش أغلبية الأكراد في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية المحاذية لسوريا حيث اعتقل منهم الآلاف بينهم نواب برلمان ومفكرون وساسة. وتشعر تركيا بالقلق من أن تؤدي المكاسب الكردية في سوريا لتصاعد النزعة الانفصالية لدى أكراد تركيا إذ تعتبر وجود حزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا والأكراد عموما تهديدا لأمنها القومي.

وشنت تركيا بالفعل عمليتين عسكريتين عبر الحدود في شمال سوريا في إطار جهودها لمواجهة وحدات حماية الشعب.

اضطهدت الدولة البعثية السورية الأكراد بشكل منهجي قبل الحرب.
ومع ذلك، لم تصطدم وحدات حماية الشعب مع دمشق خلال الصراع، على الرغم من حدوث اشتباكات سقط فيها قتلى. كما تعاون الطرفان ضد أعداء مشتركين، لا سيما في حلب وحولها والحكسة.
لقد سمحت وحدات حماية الشعب للدولة السورية بالاحتفاظ بموطئ قدم في مناطقها. وقال قائد الوحدات لرويترز في 2017 إنّه لن يكون هناك مشكلة مع حكومة الأسد إذا كانت الحقوق الكردية مضمونة في سوريا.
لكن دمشق تعارض مطالبة الأكراد بالحكم الذاتي ولم تحرز المحادثات بين الجانبين العام الماضي أي تقدم.
وعلى الرغم من هزيمة مسلحي المعارضة المناهضين للأسد في معظم أنحاء سوريا على أيدي الحكومة وحلفائها، ما زال لهم موطئ قدم يمتد في الشمال الغربي من إدلب إلى عفرين وحتى جرابلس. ولدى تركيا قوات على الأرض في هذه المنطقة بفضل مسلحين كانوا يقاتلون سابقا ضد الجيش السوري علاوة على الجهاديين.
ويشتد العداء بين قوات حماية الشعب وهذه الجماعات.
وبالنسبة للوحدات، الأولوية تتمثل في استعادة عفرين من مسلحي  تركيا الذين انتزعوا السيطرة عليها في هجوم مدعوم من تركيا العام الماضي ويركبون فيها جرائم حرب وتطهير عرقية .
ويريد الأسد خروج تركيا أيضا لأنّه تعهد باستعادة كل شبر في سوريا.

-------------------------------

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا عن طريق إرسال كتاباتكم عبر البريد : vdcnsy@gmail.com

ملاحظاتك: اقترح تصحيحاً - وثق بنفسك - قاعدة بيانات

تابعنا : تويتر - تلغرام - فيسبوك